الشفعة من المعاملات المشروعة لدفع الضرر على أساس قاعدة لا ضرر ولا ضرار، رغم أنها من التشريعات التي تخالف أساس الرضا في العقود المالية الإسلامية، لذلك فإن الشفعة من العقود الضعيفة والتي تسقط بإعراض الشفيع عنها أو تركها، كما أنها من العقود التي لا تورث عند بعض الفقهاء، وسنتحدّث في هذا المقال عن الأسباب التي تدعو لإسقاط حق الشفعة بإذن الله تعالى.
أسباب إسقاط حق الشفعة:
اتّفق الفقهاء على مجموعة من الأسباب التي تؤدّي إلى إسقاط حق الشفعة، وهناك مجموعة من الأسباب المختلف فيها بين الفقهاء في إسقاط حق الشفعة، ونبدأ بالحديث عمّا اتفق عليه الفقهاء من أسباب.
أوّلاً: الأسباب المتّفق عليها في إسقاط حق الشفعة:
- أن يقوم الشفيع بإسقاط حقه في الشفعة، من خلال التصريح بذلك أو إظهار ما يدل على رفضه لحق الشفعة بعد ثبوته لصالحه.
- أن يتأخر الشفيع في المواثبة على طلب الشفعة، وتقريره بإعلان الخصومة.
- قيام الشفيع ببيع العقار المشفوع به، وذلك قبل ثبوت حق الشفعة لصالحه.
- التراضي في ترك الشفيع للشفعة لصالح المشتري مقابل الحصول على عوض منه.
- إذا كان المبيع مما لا يمكن تجزئته على المشتري، وقيام الشفيع بالمواثبة على الشفعة في جزء من المبيع وترك الجزء الآخر.
وعليه فإنّ الشفيع إذا ترك الشفعة في جزء من المبيع يسقط حقه في الكل|، لأنه لا يملك حق تجزئة المبيع على المشتري، الأمر الذي يُؤدّي إلى بطلان الشفعة في حق الشفيع.
ثانياً: الأسباب المختلف فيها لإسقاط حق الشفعة:
- موت الشفيع قبل ثبوت حق الشفعة له وإن طلبها، لأنّ الشفعة من العقود التي لا تورّث عند بعض الفقهاء.
- قيام البائع بتوكيل الشفيع في بيع المبيع، فذهب الجمهور إلى أنّ الشفعة من حق الشفيع في هذه الحالة، لأنها تتم بنفس ثمن الشراء دون نقصان، أمّا عند بعض الفقهاء كالمالكية فإنّ الشفعة تسقط بتوكيل الشفيع في البيع، لأنّ قبوله التوكيل دليل على عدم رغبته في الشفعة.
- إذا كان الشفيع ولي أو وصي على البائع، فذهب البعض إلى أنّ الولي عند توكّله بالقاصر، يُشترط فيه عدم اتّباع مصلحته في التجارة، وعليه عدم المطالبة بالشفعة.
وذهب آخرون إلى أنّ مطالبة الشفيع الولي بالشفعة تتوقّف على مصلحة القاصر. وفي حال كان البائع وصي على الشفيع، فلا يجوز له إسقاط الشفعة عند بعض الفقهاء فهي من حق الموصى عليه، وإن كان فيها مصلحة للبائع فهي حق ثابت ولا يمكن إسقاطه من قبل الوصي.
- في حال أن يضمن الشفيع المال للبائع عن المشتري تسقط الشفعة عند بعض الفقهاء، لأنّ ضمان الشفيع للمشتري دليل على عدم رغبته في المطالبة بالشفعة.
أمّا عن بعض الفقهاء فقالوا بعدم سقوط حق الشفعة في حال ضمان الشفيع للمشتري، لأنّ رضا الشفيع بترك الشفعة شرط لم يتحقق لإسقاط الشفعة.