اقرأ في هذا المقال
كثيرة تلك الآيات التي بُين فيها نزول القرآن على سيدنا رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲۖ وَمَا یَكۡفُرُ بِهَاۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقُونَ﴾ صدق الله عليه وسلم [البقرة ٩٩] وكذلك قوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ﴾ صدق الله العظيم[آل عمران ٣] وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُۥ لَتَنزِیلُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلۡأَمِینُ (١٩٣) عَلَىٰ قَلۡبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُنذِرِینَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِیࣲّ مُّبِینࣲ (١٩٥)﴾ صدق الله العظيم[الشعراء ١٩٢-١٩٥].
لقد اختلف العلماء في صيغتي الإنزال والتنزيل، فذهب بعضهم إلى أنهما سواء، وفرق بعضهم بينهما بأن الإنزال ما كان دفعة واحدة، وبأن التنزيل ما كان مفرقاً، واستدلوا بمثل قوله سبحانه: ﴿نَزَّلَ عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ﴾ صدق الله العظيم [آل عمران ٣] وليس هنا تفصيل القول في هذه القضية.
يطلق الإنزال على معنيين أحدهما: النزول من علو، والثاني: الإستقرار إلى المكان والحلول فيه، وهذان المعنيان مستعملان استعمالاً حقيقياً، والمعنى الأول هو المتبادر، يقال: نزل من شاهق الجبل، ونزل من علٍ، ويقال نزل في المكان إذا أوى إليه، قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَنزِلۡنِی مُنزَلࣰا مُّبَارَكࣰا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡمُنزِلِینَ﴾ صدق الله العظيم [المؤمنون ٢٩] وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَاۤءَ صَبَاحُ ٱلۡمُنذَرِینَ﴾ صدق الله العظيم [الصافات ١٧٧] وكذلك قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ ٱلرِّیَـٰحَ بُشۡرَۢا بَیۡنَ یَدَیۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ طَهُورࣰا﴾ صدق الله العظيم[الفرقان ٤٨]فالآيتان الأوليان جاء الإنزال فيهما بمعنى الإستقرار والحلول، والآية الثانية جاء الإنزال فيها بمعنى الانحدار من الأعلى، إلا أن إنزال القرآن لا يمكن حمله على الحقيقة بل هو أمر مجازي ولهم فيه توجيهان:
أولاً: أن يقصد من إنزال القرآن حامله وهو الروح الأمين جبريل عليه السلام.
ثانياً: أن يقصد من الإنزال لازمه وهو الإعلام، وكلا المعنيين مجازي، أما فظاهر، وأما الثاني: فلأن إنزال شيء ما يلزم منه إعلام المُنزل إليه بهذا الشيء وإيصاله له، فمعنى إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم إيصاله إليه وإعلامه به، فإنما ذلك لحكمة عظيمة وهي بيان شرف القرآن وعلو منزلته، .وهذا معنى إنزال القرآن كما ذكره العلماء .