من مظاهر تواضع سيد الخلق سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


أهم مظاهر تواضع سيد الخلق عليه الصلاة والسلام:

تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الأطفال:

مِن صور ومظاهر تواضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنَّ عليه الصلاة والسلام عندما كان يمشي ويمرَّ على الصِّبيان والأطفال كان يقوم بالسلام عليهم، فقد روي عن أنس رضي الله عنه: “أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ»، وقال: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ»”. (رواه البخاري).

كما كان سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم “يَزُورُ الْأَنْصَارَ، وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، وَيَمْسَحُ رُؤُوسَهُمْ” (رواه مسلم)، كما أنه صلى الله عليه وسلم كان يتباسط معهم وكان صلى الله عليه وسلم يداعبهم، ” فقد كان لأحدهم عصفور صغير، يحبه حيث يداعبه ولا يكاد يتركه ساعة واحدة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه سأله عن عصفوره قائلا: «يا أبا عُمَيْر (كنية ذلك الطفل الصغير)، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ (العصفور الصغير الذي كان يلعب به الصبي)» (رواه البخاري)”.

وعندما علم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بموت ذلك العصفور، أسرع عليه الصلاة والسلام إليه حتى يواسيه وحتى يخفف عنه؛ حتى تبسم أبا عمير ونسي حزنه.

تواضع الرسول – صلى الله عليه وسلم مع الضعفاء والمساكين:

إن تواضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن قاصرًا لحد معين، بل أنه كان جليًّا وواضحًا في كل معاملاته حتى مع الضعفاء والمساكين من الناس ومع والإماء كافة، فكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يخالط ويشارك تلك الفئة من الناس في السراء والضراء، فعن سهل بن حنيف قال: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَيَزُورُهُمْ وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ” (رواه الحاكم).

وذلك حتى شمل تواضع النبي مع الإماء؛ فقد روى أنس بن مالك قال: “كَانَتِ الْأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ” (رواه البخاري).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قَالُوا: «بَلَى»، قَالَ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، ثمَّ قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟» قالوا: «بلى»، قال: «كُلُّ عُتُلٍّ [الفظُّ الغليظ] جوَّاظٍ [المختال في نفسه] مُسْتَكْبِرٍ»”(رواه البخاري).

فلم تشغل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رسالة الإسلام ومسؤولية النبوة ولم تمنعه مسؤولية عن أمته أن يجعل للضعفاء والمساكين والمرضى نصيبًا ووقتاً من الزيارة واللقاء.

أما في ركوبه: فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يركب ما يركبه عامة الناس في ذلك الوقت من الزمان، فركب سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم الحمار وركب البعير والبغلة والفرس أيضاً، فعن معاذ بن جبل-رضي الله عنه- قال: “« كنت رِدْفَ النبي صلى الله عليه وسلم (راكبًا خلفه) على حمار، يقال له: عُفَيْر »” (متفق عليه)، وهو كان من وسائل الركوب العادية في عصر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

أما في نومه:

فيروي لنا الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقفًا عظيماً، ترك ذلك الأثر في نفسه حتى أبكاه رضي الله عنه، فيقول رضي الله عنه وهو يصف حاله عند دخوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم : “«…وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ أي: ورق شجر يدبغ به مسكوبًا ومجموعًا في كومة- ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُوبًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ أهب- جمع إهاب، وهو الجلد الذي لم يدبغ-، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ؛ فَبَكَيْتُ»، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ!» فَقَالَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ؟»”(رواه البخاري).

لقد كان سيد العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع عظم علو قدره ومكانه ورفعة منصبه من أكثر الخلق تواضعًا، وكان سيد الخلق من ألينهم جانبًا، وكفى دليلًا على ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خيَّره بين أن يكون نبيًّا ملكًا، أو أن يكون نبيًّا عبدًا، فاختار عليه الصلاة والسلام أن يكون نبيًّا عبدًا.

إن الناظر يعلم يقينًا وبدون نكران أن خلق وصفة التواضع لازَمه ومتأصلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياته، وأن ذلك الخلق العظيم والجليل هو من الأخلاق التي يجب على الشخص المسلم أن يتحلى ويقتدي بها ويتبعها وأن يحرص عليها بشكل كبير ويهتم بها؛ وكل ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ننال الخير إن كان في الدنيا أو في الآخرة.

تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع شؤونه:

إن خلق وصفة التواضع كانت سمةً متأصلة وملازمةً لسيد الناس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته كلها، حيث كانت في جلوسه في مشيه وفي ركوبه، حتى في أكله وشربه عليه الصلاة والسلام، بل كانت في شأنه كله، فالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أكله وفي جلوسه يأكل مثلما يأكل العبد وكان يجلس كما يجلس العبد ويقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “«آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ»” (رواه البيهقي).

حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على التواضع:

لقد ردت العديد من نصوص السُّنَّة النَّبويَّة الشريفة التي تدل على حث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على التواضع، ومن ذلك قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “«مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (رواه مسلم”.

وقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “«إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» (رواه مسلم)”.

بل لقد نهى سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أمته الكريمة عن التكبر وقد حذرهم من ذلك الفعل السئ، فقال أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “«الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» (رواه مسلم)”.


شارك المقالة: