لوط عليه السلام:
لوط هو نبيٌ من أنبياء الله عليهم السلام، بعثهُ الله إلى قومه، فكذبوه وأحدثوا ما أحدثوه، فاشتق الناس من اسمهِ فعلاً لمن فعلَ فعل قومه. ولوط هو ابن هاران بن تارخ أبنُ أخي إبراهيم عليه السلام، وسُمي لوط؛ لأنه حبهُ لاطَ بقلب إبراهيم عليه السلام، أي تعلقّ به ولصق في قلبه، وكان النبي إبراهيم عليه السلام يُحبه حباً عميقاً ينبعثُ من قلبه.
فقال تعالى: “ولوطاً آتيناهُ حُكماً وعلماً ونجيناهُ من القريةِ التي كانت تعملُ الخبائث إنهم كانوا قومَ سوءٍ فاسقين وأدخلناهُ في رحمتنا إنّه من الصالحين” الأنبياء:74-75.
حياة لوط عليه السلام:
يخبرنا القرآن الكريم أن بعض الأنبياء عاشوا في نفس الفترة الزمنية ومن المثال على ذلك هارون الذي ساند وعاون أخاه سيدنا موسى في دعوة فرعون وقومه إلى دين الله كما وشرف الله سيدنا يعقوب عليه السلام مع سيدنا يوسف عليه السلام ابنه بمقام النبوة. فالنبي لوط والنبي إبراهيم عليه السلام، فقد عاشا في نفس الفترة الزمنية وفي المنطقة الجغرافية نفسها، ورغم أنهما كانا بين أقوامٍ مختلفة فإنهما ستمرا في التعاون والتساند مع بعضمها في سبيل الدعوة إلى الحق. فقال تعالى: “وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ- فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ۘ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” العنكبوت:25-26.
إن الهجرة إلى الله تعني التسليم لله وحده باعتبار الرفيقُ والمعين الأوحد، ثم إدراك عظمتهِ وقدرته، واللجوء إليه بطلب المدد والعون. وهكذا هجر سيدنا لوط عليه السلام قومه الذين كانوا يعملون الخبائث وانحرفوا عن الصواب وضلوا. وقد أبدى من حسن التصرف وجمال الخِصال ما يجعله في مقام الأصفياء الذين باركهم الله من عباده، وكان قد أرسل إلى قومه كما يُخبرنا القرآن الكريم، الذين انحرفوا ومارسوا من الأفعال أخبثها إذ تفشى فيهم مرض الشذوذ وإتيان الذكور دون الإناث.
انحراف قوم لوط:
يقول الله تعالى في القرآن: “فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” الروم:30. ويعني أن الله تعالى خلق الإنسان على فطرةٍ معلومة، وسن لهم سنن الطبيعة بوضوح، أما الشيطان فإنه يدعوهم إلى الشر. فقال تعالى: “وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا“النساء:119. ساعياً إلى إخراجهم عن الطريق السوي، ويُزين لهم أعمالهم ويُحبب إليهم السيئات منها وإيقاعهم في المحرمات، وعلى رأس هذه الخبائث والسقوط الخلقي، يأتي الشذوذ الجنسي.