ما هي النماذج التي تدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم؟
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير التَّواضُع، ولا يعتريه أي تكبر ولا أي بَطَرٌ على الرغم من رفعة قدره وعلو منزلته ومكانته، حيث كان صلى الله عليه وسلم يخفض جناحه لكل للمؤمنين وكان عليه الصلاة والسلام لا يتعاظم ولا يتكبر عليهم أبداً.
كما كان صلى الله عليه وسلم يجلس بين المسلمين كأنه واحد منهم، حيث كان لا يُعْرَف مجلس الرسول الكريم محمد مِن مجلس أصحابه؛ وذلك لأنَّ النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام كان يجلس حيث ينتهي به المجلس، وكان الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام يجلس بين كل الناس فيأتي الغريب من الناس لا يدري ولا يعرف أيُّهم هو النبي محمد حتى يسأل عنه.
نماذج من تواضع النبي
- روى أبو داود في سننه عن أبي ذرٍّ وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيُّهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسًا يعرفه الغريب إذا أتاه”.
- وقال رجل للنبي: “يا محمَّد، أيا سيِّدنا وابن سيِّدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيُّها النَّاس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينَّكم الشَّيطان، أنا محمَّد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحبُّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله”.
- وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مِن شدة تواضعه، أنه كان دائماً ما يتفقد أحوال أصحابه الكرام رضوان الله عليهم وكان يقوم بزيارتهم، فقد روى البخاريُّ في صحيحه عن عبد الله بن عمرو قال: “إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكِر له صومي، فدخل علي فألقيت له وسادة مِن أَدَم حشوها ليف فجلس على الأرض، وصارت الوسادة بيني وبينه، فقال أما يكفيك مِن كلِّ شهرٍ ثلاثة أيَّام. قال: قلت: يا رسول الله! قال: خمسًا. قلت: يا رسول الله! قال: سبعًا. قلت: يا رسول الله! قال: تسعًا. قلت: يا رسول الله! قال: إحدى عشرة. ثمَّ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا صوم فوق صوم داود -عليه السَّلام – شطر الدَّهر: صم يومًا وأفطر يومًا”.
- وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يتفقَد أصحابه حتى في أثناء الغزوات والمعارك، والدليل على ذلك رواه مسلم في صحيحه مِن حديث أبي برزة: “أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه، فقال لأصحابه: هل تفقدون مِن أحدٍ. قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ. قالوا: نعم فلانًا وفلانًا وفلانًا. ثمَّ قال: هل تفقدون مِن أحدٍ؟ قالوا: لا. قال: لكنِّي أفقد جليبيبًا، فاطلبوه. فطُلِب في القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثمَّ قتلوه، فأتى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فوقف عليه، فقال: قتل سبعة ثمَّ قتلوه، هذا منِّي وأنا منه، هذا منِّي وأنا منه. قال: فوضعه على ساعديه ليس له إلَّا ساعدا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: فحفر له ووضع في قبره”.
- وكان مِن تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو القيام بخدمة أصحابه، روى مسلم في صحيحه مِن حديث أبي قتادة، وفيه -في قصَّة نومهم عن صلاة الفجر: “قال ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأبو قتادة يسقيهم -أي أصحابه- فلم يَعْدُ أن رأى النَّاس ماءً في الميضأة تكابُّوا عليها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنوا الْمَلَأَ كلُّكم سيَرْوى. قال: ففعلوا. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ وأسقيهم حتى ما بقي غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ثمَّ صبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لي اشرب. فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله. قال: إنَّ ساقي القوم آخرهم شربًا. قال: فشربت، وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأتى النَّاس الماء جامِّين رِوَاء”.
- ومِن تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنَّه كان يُسلم على الصبيان كل ما مر من جانبهم، فقد روى البخاريُّ ومسلم عن أنس رضي الله عنه: “أنَّه مرَّ على صبيان فسلَّم عليهم، وقال: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يفعله”.
- كما كان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار، ويلقي السلام على صبيانهم ويمسح رؤوسهم، وعن أنس رضي الله عنه قال: “إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير: يا أبا عُمَيْر، ما فعل النُّغَير؟”.
- ومِن تواضع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنَّه يساعد أهل بيته ويخدمهم، فقد روى البخاريُّ عن الأسود، قال: “سألت عائشة: ما كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مِهْنَةِ أهله – تعني خدمة أهله -، فإذا حضرت الصَّلاة خرج إلى الصَّلاة”.
- ومن الأدلة التي كانت تدل على تواضع الرسول الكريم هي أنه كان يركب الحمار ويستردف فيه، حيث يقول الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه عن حال النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فيقول: “كان صلى الله عليه وسلم يُرْدِف خلفه، ويضع طعامه على الأرض، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار”.
- وعن عبيد بن حنين أنَّه سمع ابن عبَّاس -رضي الله عنهما- يحدِّث أنَّه قال: “مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطَّاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجًّا فخرجت معه “.
- كما ورد في الحديث الشريف “وإنَّه – أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم – لَعَلَى حصيرٍ ما بينه وبينه شيء وتحت رأسه وسادة مِنَ أَدَم حشوها ليف، وإنَّ عند رجليه قَرَظًا مصبوبًا، وعند رأسه أَهَبٌ معلَّقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه فبكيتُ، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: يا رسول الله، إنَّ كِسْرَى وقيصر فيما هُمَا فيه وأنت رسول الله! فقال: أَمَا ترضى أن تكون لهم الدُّنْيا ولنا الآخرة”.
- كما عرف عن تواضع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرفض هدية مهما كانت بساطتها ومهما قلت قيمتها، كما أنه كان يستجيب للدعوات ولا يرفضها، روى البخاريُّ مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: “لو دُعِيت إلى ذراع أو كُرَاع لأجبت، ولو أُهْدِي إليَّ ذراع أو كراع لقَبِلت”.
لذلك يجب على الشخص المسلم أن يقتدي بالنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ويمشي على طريقه والذي هو طريق الصواب والهداية في الدنيا والأخرة.