هل صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة:

هناك سؤالٌ يُراود بعض المُصلين بأنه هل صلاة الجماعة شرط في الصلاة في صحة الصلاة أم لا؟ لقد اختلف الموجبون لها في ذلك على أمرين وهما:
الأول: أن صلاة الجماعة فرضٌ يأثم الشخص الذي يتركها، وتبرأ ذِمتهُ بصلاتهِ وحدهُ، وهذا قولُ أكثر المتأخرين من أصحاب أحمد، ونص عليه أحمد في روايةِ حنبل، فقال: “إجابة الدّاعي إلى الصلاة فرضٌ، ولو أنّ رجلاً قال: هي عندي سُنةٌ: أُصلّيها في بيتي مثل الوتر وغيره لكان هناك خلافُ الحديث وصلاتهِ جائزة”.
الثانية: هناك روايةٌ ثانيةٌ ذكرها أبو الحسن ابن الزّاغوني وهي أنها شرطٌ للصحةِ، فلا تصحُ صلاةُ من صلّى وحده، وحكاهُ القاضي عن بعض الأصحاب، واختارهُ أبو الوفاء ابن عقيل وأبو الحسن التميمي. أما حجج الفريقين وهي أن ّ المشترطون قالوا أن كل دليلٍ ذكرناهُ في الوجوب يدلُ على أنها شرطٌ؛ فإنها إذا كانت واجبة فتركها المُكلف لم يفعل ما أُمر به، فبقي في عُهدةِ الأمر.
وقالوا أيضاً لو صحت الصلاة بدونها لما قال أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “إنهُ لا صلاةَ له”، ولو صحّت لما قال النبي عليه الصلاة والسلام: “من سَمع المُنادي ثم لما يجبه لم تُقبل منه الصلاة التي صلّى”. فلمّا وقف القبول على الوضوء من الحَدث دلّ على اشتراطه. وقالوا: ونفي القبول إمّا أن يكون لفوات رُكنٍ أو شرطٍ، ولا ينتقض هذا بنفي القبول عن صلاة العبد الأبق، وشارب الخمر أربعين يوماً؛ لأن امتناع القبول هناك لارتكاب أمرٍ محرمٍ قارن الصلاة فأبطل أجرها. قالوا ولو صحّت صلاة المنفرد لما قال ابن عباس: “إنه في النار”. وقالوا: ولو صحّت صلاته أيضاً لما كانت واجبةً، فإنه إنّما تصحُ عبادة من أدى ما أمرِ به، وذكر هنا من أدلة الوجوب ما فيه كفاية.
رأي المصححون لها رأيٌ ثلاثة أقسام وهي: قسمٌ يجعلها سُنة، إن شاء فعلها وإنّ شاء تركها. وقسمٌ يجعلها فرض كفاية، إذا قام بها طائفةٌ سقطت عمن عداهم. والقسم الثالث: وهو يقول: وهي فرض على الأعيان وتصحُ بدونها، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “صلاة الجماعة تفضُل على صلاة الفذّ بسبعٍ وعشرين درجةً”.
وهناك عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة: “صلاة الرجل في جماعةٍ تُضعّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنّهُ إذا توضّأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلّا الصّلاة لم يخطُ خطوةً إلّا رُفعت له بها درجةٌ وحُطت عنه بها خطيئةٌ، فإذا صلّى لم تزل الملائكةُ تصلّي عليه ما دام في مُصلاهُ ما لم يحدِث: اللهم صلّ عليه، اللهم ارحمهُ، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة”.
قالوا فلو كانت صلاةُ المنفرد باطلةً لم يفاضل بينها وبين صلاةِ الجماعة؛ إذ لا مفاضلة بين الصّحيح والباطل. وفي صحيح مسلم من حديث عثمان بن عفان: أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: “من صلّى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلّى الصُبح في جماعةٍ فكأنما قام الليل كلّهُ”.
وقد روى يزيد بن الأسود قال: شهدتُ مع النبي عليه الصلاة والسلام حجّته، فصلّيتُ معه صلاة الصُبح في مسجد الخيفِ، فلمّا قضى صلاتهُ انحرف، فإذا هو برجلين في آخر القوم لم يُصلّيا قال: “عليّ بهما” فجيء بهما تُرعدُ فرائضهما، قال: “ما منعكما أنّ تُصلّيا معنا، فقالا: يا رسول الله، قد صلّينا في رحالنا، قال:فلا تفعلا، إذا صليتُما في رِحالكما ثم أتيتما مسجد جماعةٍ فصلّيا معهم؛ فإنها لكما نافلة” رواه أهل السنن. منهم أبو داود.
وعند أبي داود: “إذا صلّى أحدكم في رحلهِ ثم أدرك مع الإمام فلّيُصليها معه، فإنها له نافلةٌ”. قالوا ولولا صحة الأولى لم تكن الثانيةُ نافلةً. وعن محجن بن الأدرع قال: أتيتُ النبي عليه الصلاة والسلام فحضرت الصلاةُ، فصلّى يعني ولم أصلّ، فقال لي: “ألا صليت؟ قلتُ يا رسول الله، قد صليتُ في الرّحل ثم أتيتك، قال: “فإذا جِئت فصلّ معهم، واجعلها نافلةً” رواه أحمد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه وعن أبي ذر وعبادة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ولفظ حديث ابن عمر: عن سليمان مولى ميمونة قال: أتيتُ على ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلّون في المسجد، فقلتُ: ما يمنعك أن تصلّي مع الناس؟ قال: إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا تصلّوا صلاةً في يومٍ مرتين” رواه أبو داود والنسائي.


شارك المقالة: