هوازن وحروب الفجار

اقرأ في هذا المقال


هوازن وحروب الفجار:

ولعل أنّ من أشهر حروب قبائل هوازن في زمن الجاهلية هي حروب الفجار، وقد سميت بذلك الاسم بمعنى المفاجرة أو المقاتلة، حيث أنّهم قد تحاربوا في الشهر الحرم، وقد فجروا فيها وبسبب ذلك قد سميت بالفجار، وقد كانت الحروب كلها بين هوازن من جهة وبين كنانة وقريش أيضاً من جهة ثانية.

وقد كانت تلك الحروب عددها أربع حروب، كلها قد جرت وحدثت في الأشهر الحرم حيث كان يجتمع العرب في سوق عكاظ.

وقد كانت أخطر وأشد تلك الحروب وأقواها هي حروب الفجار الرابعة وهي التي قد استمرت عدّة سنوات وقد قتل فيها عدد هائل من الشيوخ ومن سادات وزعماء الفريقين.

الفجار الأول:

وكان سببها أنّ رجلاً من رجال غفار من بني كنانة يسمّى بدر ابن معشر، كان قد حضر في سوق عكاظ، وكان ذلك الرجل متكبراً وكان يتحرش بالناس ويتحداهم، وكان قد اتخذ مجلساً وبسط فيه رجليه ومن ثم كان ينادي: “أنا أعز العرب، فمن زعم أنّه أعز مني فليضرب هامتي بالسيف”.

حينها مر به رجل من بني نصر من هوازن يقال له “الأحمر بن مازن بن أوس”، فتحداه وقام بضربه بالسيف فبتر رجله. وكادت هذه الحرب الشاملة أن تنشب وتشتعل بين الفريقين إلّا أنّ الرجال العقلاء قد تداركوا الأمر ، واصطلحوا فيما بينهم .

الفجار الثاني:

وسبب الحرب الثانية هو أنّ فتية من قبيلة قريش وكنانة قد تحرشوا في سوق عكاظ بامرأة من هوازن من بني عامر بن صعصعة ونالوها بإهانة. فغضبت لذلك هوازن ودارت الحرب بين الفريقين ، ولكنّ “حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف” سيد قبيلة قريش، نجح في إيقاف تلك الحرب حيث اعتذر لهوازن باسم قريش عما بدر من فتيانها حيال المرأة العامرية، ثم دفع دیات قتل هوازن ولم يحسب قتلى قريش وكنانة، حينها رضیت هوازن.

الفجار الثالث:

وكان سبب تلك الحرب هو أنّ رجلاً من رجال بني جشم من هوازن كان له دين على أحد الرجال من بني كنانة، عندها ماطله طويلاً، فلمّا أعياه ( أي ألقى عليه كلامًا لا يُهتدى لوجهه) عمد بالقيام إلى التشهير به في سوق عكاظ، حيث قام بأخذ قرد، ومن ثم صار يطوف به على القبائل وكان ينادي: “من يبيعني مثل هذا الرباح بما لي على فلان بن فلان الكناني “، فلما طال بذلك نداؤه وتعييره بكنانة، مر به أحد الرجال من رجال بني كنانة، فقام ذلك الرجل بضرب القرد بسيفه فقتله، فتداعی الفريقان للحرب، إلّا أنّ العقلاء من الفريقين حجزوا بينهم، وقالوا: “أفي قرد تريقون دماءكم”.

ثم حسم الموقف “عبد الله بن جدعان” وهو أحد کرماء قبيلة قريش، ومن ضمن للهوازني ماله الذي له على الكناني ودفعه إليه، وانتهت المشكلة.

الفجار الرابع:

وهو أخطر الفجارات الأربعة حيث بسببه حدثت بين هوازن من جهة وبين قريش وكنانة من جهة ثانية خمس حروب طاحنة سقط فيها عدد هائل من الضحايا من الفريقين.

ولم تتوقف هذه الحروب إلّا بعد أن شعر الفريقان بالدمار، فأجروا فيما بينهم مفاوضات انتهت بالصلح.

أسباب هذه الحروب والمشهورة بحرب الفجار، والتي كان بين بدايتها وبين مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم مدّة ست وعشرين سنة، وكان السبب هو أن رجلاً من بني ضمرة ابن بكر كنانة، كان سكيراً مدمناً وفاسقاً، يدعى البراض بن قيس بن رافع، فخلعه قومه وتبرؤوا منه وذلك بسبب سوء سلوكه.

فلجأ إلى قبيلة قريش في مكة المكرمة ، وقد حالف حرب بن عبد شمس، حينها أحسن إليه ، ولكن  البراض الخليع قد رجع إلى عادة سيرته الأولى فأصبح يسكر ويفسق في مكة المكرمة، فهم رجل يدعى حرب بن أمية إلى أن يقوم بخلعه وأن يتبرأ من حلفه.

ولكنّ البراض كان يرجو حرب بن أمية أن لا يفعل ما يريد أن يفعله من أن يتبرأ من حلفه، وقد حالف حرب أن يبقيه على حلفه، ولكن بشرط أن يغادر مكة المكرمة. وفعلا قد خرج من مكة المكرمة ومن ثم ولحق بالملك المنذر في الحيرة الموجودة في العراق، عندها أقام عنده وقد كان على حلفه مع حرب بن بن النعمان أميّة.


شارك المقالة: