وصايا النبي محمد في الأخلاق وحسن التعامل مع الناس:
كان للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الوصايا والفضائل التي كان يحث صحابته الكرام رضوان الله عليهم وجميع الناس على قولها وفعلها والقيام بها، لما لتلك الوصايا الفضل في رفعة الإنسان المسلم في الدنيا والآخرة، ولما لها من نفعه كبيرة وأجر عظيم له.
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].
حث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على أهمية مكارم الأخلاق بين الناس، كما أنه كان عليه اصللاة والسلام أفضل الخلق أخلاقًا وأحسن الخلق آدابًا، وقد بيَّن وأوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما بُعِثَ وأرسل إلا حتى يتمم رسالة مكارم الأخلاق والتعامل الحسن وخاصة ما بين الناس، ولقد كان في وقت الجاهلية العديد من الأخلاق الكريمة فأتى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى يتمممها، وذلك من خلال إصلاح ما فسد منها في الجاهلية، وأيضاً الثناء على ما كان فاضلًا منها، والحث عليها، حيث يقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق (هكذا رواه الإمام أحمد، وورد بلفظ: «مكارم الأخلاق» وصححه الألباني، ورواه الإمام مالك بلفظ: «حُسْنَ الأخلاق»)”.
امتدح الله عز وجل نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على كمال الأخلاق فقال عز من قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، حيث ظهر ذلك عند النبي من خلال معاشرته عليه الصلاة والسلام للناس وأيضاً مخالطته لهم، ولقد سُئِلَت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن كيف كان خلق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقالت رضي الله عنها: “كان خلقه القرآن” (رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي).
ومما قد ذكر في حث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على مكارم الأخلاق ما روي عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن” (رواه الإمام أحمد والترمذي والدارمي. وقال الترمذي: حسن صحيح).
ومن الأحاديث التي يحث فيها الرسول الكريم محمد على مكارم الأخلاق هو ما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»” (رواه أبو داود في سننه، وهو حديث حسن كما ذكر الألباني في صحيح أبي داود برقم [4015]).
ومن الأحاديث عن حسن الأخلاق والتعامل مع الناس هو ما روي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن خياركم أحسنكم أخلاقًا” (رواه البخاري ومسلم).
وقد روى مسلمٌ عن السيدة عائشة زوجِ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الرِّفقَ لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانه”؛ (مسلم حديث 2594).
وقد تحدث النبي عن ضرورة التحلى بالأخلاق الكريمة؛ لما لها من دور كبير في تقوية العلاقات وزيادة المحبة بين الناس وهو ما رواه الشيخان عن النعمان بن بشيرٍ، قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحمَّى))”. (البخاري حديث: 6011/ مسلم حديث 2586).
كما حث الرسول الكريم على احترام المسلم لأخوه المسلم، وأن المسلم لا يسبب الضرر لأخوه المسلم أبداً وهو ما رواه الشيخانِ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: “أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه، ولا يُسلِمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلمٍ كربةً، فرَّج الله عنه كربةً من كربات يوم القيامة، ومَن ستَر مسلمًا ستره الله يوم القيامة))”. (البخاري حديث 2442 / مسلم حديث 2580).
ومن الأحاديث الرائعة للنبي عن أهمية احترام الناس لبعضهم البعض وعدم الإساءة لبعضهم هو ما روى مسلمٌ عن أبي هريرةَ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “((أتدرون ما المفلس؟))، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتَم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَتْ حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أُخِذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار))”؛ (مسلم – ج 4 – كتاب البر – حديث 59).