الاعتبارات التي أدت لتطور مفاهيم العلاقات العامة:
من الطبيعي أن تبدأ العلاقات العامة أنشطتها وممارستها، بمفاهيم تعبير عن رغبة أولئك الذين استعانوا بها لامتصاص ضغط الرأي العام، وليس التعامل مع الأسباب الحقيقية أمام التغيرات والتطورات الاجتماعية التي تمسّ المبادئ والأسس والأفكار التي يتعصبون لها، ولا يتصوّرون حدوث أي مساس بها وهي في نظرهم الصدفة التي تحميهم من تيارات الموج الثائر، التي يجدون داخلها عناصر بقائهم واستمرارهم.
ومع ذلك رغم ظهور تلك الأسباب الأكثر استقامة، إلا أن الأساليب الأولى التي وضعت بذورها خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، لم تهجر تماماً من قبل كثير من المنظمات الأمريكية أو ممارسين للعلاقات العامة بها، إنما استمرَّت مع وجود الأساليب التي تطورت إليها مفاهيم العلاقات العامة؛ وهذا الوضع شكَّل عقبة أمام انتشار الأساليب المطوّرة وقلل من قوة الإقناع بها وكان لها الآثار السلبية على نظرة الرأي العام.
وأكَّد بتراند كالفيد، تأثير التداخل بين الأساليب القديمة والمتطورة وأن هناك حاجة إلى تحسين المستويات الأخلاقية للقائمين بأنشطة العلاقات العامة، فقد جذبت إليها بعض الأشخاص ممّن يفتقرون إلى الخبرة والخلق القويم ومنهم من يقوم بنشر معلومات مزيفة ومبتورة، كما يرسمون وجهات مُزيّفة للشركات ويشوّهون الحقائق وقد أثارت هذه الأساليب موجة من النقد العام للعلاقات العامة.
ويُضاف إلى ذلك أن الأساليب التي تطورت إليها مفاهيم العلاقات العامة استمرت منذ أن فرضها إيفي لي، في بداية القرن العشرين، دون أي محاولة علمية جادة لتطويرها إلى الأفضل، أو إلى الأكثر مناسبة لطبيعة العلاقات العامة ولطبيعة الظروف والتغيرات الاجتماعية التي دعت إليها، التي زادت تعقيداً خلال السنوات الأخيرة وكل ما حدث بعد ذلك هو إعطاء هذه المفاهيم مزيداً من الوضوح فقط.
وكما يضاف إلى ذلك أن الأساليب جميعها، سواء القديمة أو المتطورة هدفت إلى خدمة واقع المنظمات وتكريسه بكل فلسفاته وممارساته، في مواجهة تطورات اجتماعية، داعية إلى إحداث تعديلات مناسبة مع الكيفية الواجبة لمواجهة الآثار والنتائج التي ترتبت عليها. وهذه الأساليب تحترم علقية الجماهير ونفسيتها ومشروعية مطالبها، إلا أنها لم تستطيع أن تعطيها أن تعطيها بأكثر ممّا تسمح به عقلية تتحكّم في إدارة المنظمات، وقد يكون العطاء سطحياً محدوداً