إن الشعر الجاهلي لم يأتي على نظام واحد بل جاء متعدد الأغراض والمواضيع وهذا هو ما يميزه من ألفاظ وعبارات ومعاني.
أثر الآخر في لغة الشاعر الجاهلي
كان للحياة في الجاهلية ذات اللهو والترف في أغلب الأماكن المجالس، أثر كبير في لغة الشاعر الجاهلي، فنرى ان اللغة عند الشعراء في هذه البيئة تميل إلى التبسيط نوعاً ما، فقد كانت لغتهم أشبه باللغة المحكية.
ولقد كان لوجود القيان تأثير كبير في لغة الشاعر الجاهلي، حيث قام أغلب الشعراء باستعمال صـور من الشعر يصفون به النسوة العربيات والفارسيات والروميات وغيرهن، ومن أمثلة الشعراء البارزين الذي قاموا بوصف القيان والتأثر بهن هو الشاعر الأعشى، فقام بوصف ملابسهن وجواهرهن وزينتهن وعطورهن حيث يقول:
“رَىَ الخــــزَّ تَلبسُــــه ظــــاهراً
إذا قَلّــــدَتْ مِعْصَــــماً يــــارقين
وَجُـــــلَّ زَبَرْجَـــــدَةً فَوْقَـــــهُ
وتُــبْطِنُ مــن دون ذلــكَ الحريــرا
فُصِّـــلَ بالـــدّر فصـــلاً نضـــيرا
وياقوتـــةٌ خَلَّـــتْ شـــيئاً نكيـــرا”
وكان من أثر حياة الغنى واللعب واللهو والمجون التي عاشها الأعشى انه قام باقتباس العديد من الألفاظ المتصلة بالمظاهر المادية، وقام بتصوير مظاهر اللهو والتسـلية فاختلطت الألفاظ الأعجمية في شعره بشكل كبير، حيث يقول الأعشى:
“وَذُو تُومَتَينِ وَقَاقُزَّةٌ
يَعُلُّ وَيُسْرِعُ تَكرَارَهَا”
ويقول أيضاً:
“مِنْ زِقاقِ التّجْرِ في بَاطِيَة جَوْنَةٍ حَارِيَةٍ ذاتِرَوَح”
وكذلك قوله:
و”إذا لَنَا تَامُورَةٌ مَرْفُوعَةٌ لِشَرَابِهَا”
وغير الشاعر الأعشى يوجد العديد من الشعراء في الجاهلية قاموا بذكر كلمات أعجمية في شعرهم، أمثال امرؤ القيس حين تكلم عن المسك:
“ويضحي فتيت المسكَ فوقَ فراشِها
نَئومُ الضُّحَى لَمْ تَنْتطِقْ عَنْ تَفضُّل”
ويقول عنترة في ذكر المسك كذلك:
“تَبيتُ فِتاتُ المِسكِ تَحْتَ لِثامِهَا
فيزدادُ مِنْ أَنْفاسها أرجُ النَد”
وتعددت الألفاظ بسبب تأثر الشعراء بالآخر، فمثلاً لفظ الورود والرياحين ظهر في شعر الأعشى:
“وشَــاهِدُنا الــوَرْدُ واليَاسَــمي
ومِِزْهَرُنَـــا مُعْمَـــلٌ دَائِـــمٌ
تَــرَىَ الصّــنجَ يَبْكِــي شَــجْوَهُ
وَاْلمُسْــــمعَاتُ بِقُصَّــــابِهَا
فَـــأَيُّ الثَّلاَثَـــةِ أَزْرَىَ بِهَـــا
مَخَافَــةَ أَنْ سَــوْفَ يُــدْعَى بِهَــا”