أسطورة أورفيوس ويوريديس

اقرأ في هذا المقال


أسطورة وقصة أورفيوس ويوريديس هي قصة حب مأساوية، وربما تكون واحدة من أشهر الأساطير اليونانية فقد ألهمت العديد من الرسامين المهمين مثل بيتر بول روبنز ونيكولاس بوسين، وعلاوة على ذلك تم تأليف العديد من الأوبرا والأغاني والمسرحيات لتكريم هذين العاشقين الكبيرين اللذين فقدا بشكل مأساوي فرصة الاستمتاع بحبهما، وتم سرد قصة أورفيوس ويوريديس في العديد من الإصدارات مع بعض الاختلافات بينهما، وأقدم حساب يأتي من إيبيكوس حوالي 530 قبل الميلاد وهو شاعر غنائي يوناني.

أورفيوس موهوب في عزف الموسيقى

يُعرف أورفيوس بأنّه أكثر مشغلات الموسيقى موهبة في العصور القديمة، ويقال أنّ الإله أبولو كان والده الذي أخذ منه موهبته الفائقة في الموسيقى وكانت أمه موسى كاليوب، وكان يعيش في تراقيا في الجزء الشمالي الشرقي من اليونان، وكان لدى أورفيوس صوت موهوب إلهيًا يمكنه أن يسحر كل من سمعه، وعندما تم تقديم القيثارة لأول مرة كصبي كان يتقنها في أي وقت من الأوقات على الإطلاق، وتقول الأسطورة أنّه لا يمكن لأي إله أو بشر أن يقاوم موسيقاه وحتى الصخور والأشجار ستتحرك لتكون بالقرب منه.

وفقًا لبعض النصوص القديمة تم اعتماد أورفيوس لتدريس الزراعة والكتابة والطب للبشرية، ويُنسب إليه أيضًا أنّه كان منجمًا ورائيًا ومؤسسًا للعديد من الطقوس الصوفية، ومن شأن موسيقى أورفيوس الغريبة والمفعمة بالحيوية أن تثير اهتمام الناس بالأشياء أكثر من الطبيعة ولديها القدرة على توسيع العقل إلى نظريات جديدة غير عادية.

ومع ذلك بصرف النظر عن الموهبة الموسيقية كان لدى أورفيوس أيضًا شخصية مغامرة، ويُعتقد أنّه شارك في رحلة أرجونوت وهي رحلة جايسون وزملاؤه أبطال أرجونوت للوصول إلى كولشيس وسرقة الصوف الذهبي، وفي الواقع لعب أورفيوس دورًا حيويًا خلال الرحلة الاستكشافية لأنّه بعزف موسيقاه ووضع التنين الطاهر للنوم الذي كان يحرس الصوف الذهبي وبالتالي تمكن جايسون من الحصول على الصوف، وعلاوة على ذلك فإنّ موسيقى أورفيوس أنقذت أرجونوت من سايرن وهي مخلوقات غريبة تشبه الأنثى كانت تغوي الرجال بصوتهم الجميل ثم كانوا يقتلونهم.

حب من اول نظرة

اعتاد أورفيوس أن يقضي الكثير من سنواته الأولى في المساعي المثالية للموسيقى والشعر ولقد تجاوزت مهارته شهرة واحترام موسيقاه، وسيكون البشر والوحوش على حد سواء مفتونين به وغالبًا ما تتوق حتى أكثر الأشياء جمادًا إلى أن تكون بالقرب منه، وفي شبابه كان يتقن القيثارة وكان صوته الرقيق يجذب له الجماهير من قريب ومن بعيد، وفي أحد هذه التجمعات من البشر والوحوش وقعت عيناه على حورية من الخشب، وكانت الفتاة تسمى يوريديس وكانت جميلة وخجولة، ولقد انجذبت إلى أورفيوس وأصبحت مفتونة بصوته، وكان هذا هو سحر الجمال في الموسيقى والمظهر الذي لم يستطع أي منهما أن يبتعد عن بعضهما البعض.

شد شيء لا يمكن تفسيره قلوب الشابين وسرعان ما شعروا بالحب الشديد وأصبحوا غير قادرين على قضاء لحظة واحدة بعيدًا وبعد فترة قررا الزواج، وبدا يوم زفافهما مشرقًا وواضحًا ووبارك هيمنايوس إله الزواج زواجهما ثم أعقبه وليمة عظيمة، وكانت المناطق المحيطة مليئة بالضحك والبهجة، وسرعان ما نمت الظلال بشكل كبير مما يشير إلى نهاية الاحتفالات التي استمرت معظم اليوم وأخذ جميع ضيوف حفل الزفاف إجازة من المتزوجين حديثًا، الذين كانوا لا يزالون يجلسون جنبًا إلى جنب وبعيون مرصعة بالنجوم، وسرعان ما أدرك كلاهما أنّ الوقت قد حان لأنّهما في طريقهما وغادرا إلى المنزل.

لدغة الأفعى

ومع ذلك سرعان ما تغيرت الأمور وسيترتب على تلك السعادة الحزن، وكان هناك رجل واحد كان يحتقر أورفيوس ويريد يوريديس لوحده، وكان الراعي أريستايوس قد خطط لقهر الحورية الجميلة وكان هناك ينتظر في الأدغال حتى يمر الزوجان الشابان، وعندما رأى أنّ العشاق يقتربون كان ينوي القفز عليهم وقتل أورفيوس، وعندما قام الراعي بحركته أمسك أورفيوس من يد يوريديس وبدأ في الجري عبر الغابة.

كانت المطاردة طويلة ولم يُظهر أريستوس أي علامات على الاستسلام أو التباطؤ، فظلا يركضان وفجأة شعر أورفيوس أنّ يوريديس تتعثر وتسقط ويدها تنزلق من قبضته، وأصبح غير قادر على فهم ما حدث للتو واندفع إلى جانبها لكنه توقف بفزع لأنّ عينيه أدركت الشحوب المميت الذي غمر خديها، ونظر حوله فلم ير أي أثر للراعي لأنّ أريستوس قد شهد الحدث وغادر، وعلى بعد خطوات قليلة خطت يوريديس على عش من الثعابين وقد عضتها أفعى قاتلة، مع العلم أنّه لا توجد فرصة للبقاء على قيد الحياة فقد تخلى أريستوس عن محاولته وشتم حظه وأورفيوس.

خطة خارقة للطبيعة

بعد وفاة زوجته الحبيبة لم يعد أورفيوس نفس الشخص الذي اعتاد أن يكون وبدت حياته بدون يوريديس بلا نهاية ولا يمكن أن تفعل شيئًا أكثر من الحزن عليها، وكان هذا عندما كانت لديه فكرة رائعة ولكنها مجنونة حيث قرر الذهاب إلى العالم السفلي ومحاولة استعادة زوجته، وكان أبولو والده يتحدث إلى هاديس إله العالم السفلي ليقبله ويسمع نداءه، ومسلحًا بأسلحته القيثارة والصوت اقترب أورفيوس من هاديس وطالب بالدخول إلى العالم السفلي ولم يتحداه أحد.

قال أورفيوس وهو يقف أمام حكام الموتى عن سبب وجوده هناك بصوت رقيق ومثير للقلق، ولقد عزف غنائه وغنى للملك هاديس والملكة بيرسيفوني بأنّ يوريديس قد عادت إليه، ولا يمكن حتى لأكثر الناس حماسة أو الآلهة أن يتجاهلوا الأذى في صوته، ثم بكى أورفيوس علانية وذاب قلب بيرسيفوني وحتى سيربيروس الكلب الضخم ذي الرؤوس الثلاثة الذي يحرس الدخول إلى العالم السفلي، وغطى آذانه العديدة بأقدامه وعوى في يأس.

كان صوت أورفيوس مؤثرًا للغاية لدرجة أنّ هاديس وعد هذا الرجل اليائس بأنّ يوريديس ستتبعه إلى العالم العلوي عالم الأحياء، ومع ذلك فقد حذر أورفيوس من أنّه بدون سبب يجب عليه النظر إلى الوراء بينما كانت زوجته لا تزال في الظلام لأنّ ذلك من شأنه أن يبطل كل ما كان يأمل فيه، ويجب أن ينتظر يوريديس للوصول إلى الضوء قبل أن ينظر إليها.

بإيمان كبير بقلبه وفرح بأغنيته بدأ أورفيوس رحلته من العالم السفلي سعيدًا أنّه سوف يجتمع مرة أخرى مع حبه، وعندما كان أورفيوس يصل إلى مخرج العالم السفلي كان يسمع وقع أقدام زوجته وهي تقترب منه، فأراد أن يستدير ويعانقها على الفور لكنه تمكن من السيطرة على مشاعره، وعندما كان يقترب من المخرج كان قلبه ينبض بشكل أسرع وأسرع، وفي اللحظة التي وطأ فيها عالم الأحياء أدار رأسه لعناق زوجته، ولسوء الحظ لم يحصل سوى على لمحة عن يوريديس قبل أن يتم سحبها مرة أخرى إلى العالم السفلي.

عندما أدار أورفيوس رأسه كانت يوريديس لا تزال في الظلام ولم تر الشمس وكما حذر هاديس أورفيوس غرقت زوجته الجميلة عائدة إلى عالم الموتى المظلم، واجتاحت عليه موجات من الألم واليأس وارتجف حزنًا واقترب من العالم السفلي مرة أخرى ولكن هذه المرة مُنع من الدخول وكانت البوابات مغلقة ولم يسمح له الإله هيرميس الذي أرسله زيوس بالدخول.

وفاة أورفيوس

منذ ذلك الحين كان الموسيقار المحطم القلب يتجول مرتبكًا يومًا بعد يوم وليلة بعد ليلة في يأس تام، ولم يجد أي عزاء في أي شيء، ولقد عذبه سوء حظه مما أجبره على الامتناع عن الاتصال بأي امرأة أخرى وببطء ولكن بثبات وجد نفسه يتخلى عن شركتهن تمامًا، ولم تكن أغانيه أكثر بهجة بل كانت حزينة للغاية، وكانت راحته الوحيدة هي الاستلقاء على صخرة ضخمة والشعور بمداعبة النسيم وكانت رؤيته الوحيدة هي السماء المفتوحة.

وهكذا صادفته مجموعة من النساء الغاضبات والمستائات من ازدرائه تجاههن، وكان أورفيوس يائسًا لدرجة أنّه لم يحاول حتى صد تقدمهم، وقتلته النساء وقطعوا جسده إلى أشلاء وألقوا به مع قيثاره في النهر، ويقال أنّ رأسه وقيثارته طافتا إلى أسفل النهر إلى جزيرة ليسفوس، وهناك وجدهم يفكروا وأقاموا مراسم دفن مناسبة لأورفيوس، واعتقد الناس أنّ قبره ينبعث منه الموسيقى الحزينة والجميلة، ونزلت روحه إلى هاديس حيث تم لم شمله أخيرًا مع حبيبته يوريديس.


شارك المقالة: