أسطورة سيرس

اقرأ في هذا المقال


سيرس أو كيركي (Circe) هي مشعوذة وإلهة قوية في الأساطير اليونانية مع موهبة استثنائية في خلط الأدوية، وكانت ابنة إله الشمس هيليوس وأوشنيد برسايس (Oceanid Perseis)، وكانت أخت الملك اييتس من كولشيس وباسيفاي ملكة كريت وزميلة مشعوذة، وكانت أيضًا عمة ميديا وهي ساحرة أخرى، وتم العثور على منزل كيركي في جزيرة أييا (Aeaea) المشجرة وكان يحرسه رجال تم تحويلهم إلى ذئاب وأسود، وعلى الرغم من عدم وجود حب خاص للبشرية وجدت سيرس نفسها متورطة مع البطل أوديسيوس بعد وصوله هو ورجاله إلى جزيرتها، وهي أيضًا مسؤولة عن تحويل الحورية الجميلة سيلا (Scylla) إلى وحش البحر المخيف، وفي عنيد (Aeneid) بواسطة فيرجيل تبحر اينيس مباشرة عبر جزيرتها بعد أن حذرها رجال أوديسيوس من تجنبها.

سيرس الساحرة

كانت سيرس إلهة مخيفة ولكنها جميلة وكانت ساحرة سحرت الرجال بصوتها، وكانت أيضًا موهوبة في تشغيل النول، وكان لديها طريقة مع العقاقير السحرية وغالبًا ما حولت الرجال إلى وحوش للترفيه أو للانتقام، وتم نقل سيرس إلى جزيرة أييا في عربة هيليوس (يقول البعض كعقاب على وفاة زوجها)، ووصفت الجزيرة بأنّها برية ذات غابات ثقيلة، وكان يسكنها الأسود والذئاب الذين كانوا في يوم من الأيام رجالًا حتى دخلت عقاقير سيرس السحرية حيز التنفيذ، ويعرف الكتاب الكلاسيكيون الجزيرة بكيب سيرسيوم (Cape Circeium) المتواجدة على الساحل الغربي لإيطاليا.

يصف هومر في كتابه الأوديسة سيرس بأنّها إلهة مخيفة بصوت بشري ويصف شعرها الجميل، ويعطيها هوميروس أيضًا لقب (Polypharmakos) أي التي تعرف الكثير من المخدرات أو السحر، وفي تحولات أوفيد تم تصويرها على أنّها جالسة بشكل ملكي على العرش مرتدية ملابس ذهبية، وفي الفن غالبًا ما يتم تصويرها على أنّها امرأة جميلة مع فنجان مرفوع عاليًا وهو رمز لجرعاتها السحرية وتعاويذها.

أسطورة سيرس وأوديسيوس

يمكن العثور على أشهر الأسطورة المحيطة بسيرس في ملحمة لهوميروس وتتضمن البطل اليوناني أوديسيوس، فبعد أن فقد كل سفنه باستثناء واحدة وصل أوديسيوس ورجاله المنهكين إلى جزيرة أييا، ومكثوا على الشاطئ لبضعة أيام على أمل تجنب الساحرة الخطيرة سيرس حتى أدرك أوديسيوس أنّهم بحاجة إلى إرسال مجموعة استكشافية، وقام هو ونائبه الثاني يورولوكس (Eurylochus) بتقسيم الرجال إلى مجموعتين ووجهوا القرعة.

انطلق يورولوكس ومجموعته من الرجال لاستكشاف الجزيرة ووصلوا إلى قصر سيرس في أعماق الغابة محاطًا بأسود الجبال والذئاب، وعلى الرغم من خوفهم من هذه الوحوش إلّا أنّهم انجذبوا إلى الصوت الساحر الذي سمعوه قادمًا من داخل القصر، ونادى الرجال على هذا الصوت الجميل وظهرت سيرس عند الباب وقامت بدعوتهم إلى الداخل وبقي يورولوكس فقط في الخارج لأنّه شعر بوجود فخ.

جعلت سيرس الرجال يجلسون على مائدتها وقدمت لهم مزيجًا من الجبن والشعير والعسل ممزوجًا بنبيذ برامنيان، وشرب الرجال بشراهة غير مدركين أنّها خلطت بعضًا من عقاقيرها الخاصة في الخليط، وبمجرد انتهائهم من الشرب ضربتهم سيرس بعصاها وحولتهم إلى خنازير الأمر الذي دفعهم إلى البقاء في مكان الخنازير القذر، وشاهد يورولوكس كل هذا في رعب وركض عائدًا إلى السفينة ليخبر أوديسيوس، فقام أوديسيوس بتسليح نفسه وطلب من يورولوكس أن يقوده إلى سيرس ولكن يورولوكس المرعوب رفض.

انطلق أوديسيوس بنفسه ولكن هيرمس أوقفه الذي عرض عليه المساعدة، وأعطى أوديسيوس عشبة سحرية سماها الآلهة مولي (نبات أسطوري بزهرة بيضاء وجذر أسود)، وأخيرًا وصل أوديسيوس إلى قصر سيرس وتم الترحيب به في الداخل، فارتبكت سيرس عندما لم يعمل سمها على أوديسيوس، فرأى أوديسيوس أنّها فرصته فاندفع أوديسيوس عليها بسكين في يده عازمًا على قتلها، وفي حيلة لإلهائه أخبرت سيرس أوديسيوس أنّها سمعت عنه ودعته إلى سريرها، فجعلها أوديسيوس في البداية أن تقسم اليمين الرسمية على عدم الإضرار به ووافقت.

الآن أوديسيوس ورجاله (الذين حولتهم سيرس جميعًا إلى شكل بشري) مكثوا مع سيرس لمدة عام يتغذون ويشربون، وسرعان ما أصبح رجال أوديسيوس قلقين وحثوه على أنّ الوقت قد حان لمغادرة جزيرة أييا والعودة إلى المنزل، فتوسل أوديسيوس إلى سيرس لمساعدته ووافقت عليه لكنها أخبرته أنّ هناك مكانًا واحدًا يجب أن يزوره أولاً ألا وهو هاديس، فكان بحاجة لرؤية تيريسياس الحكيم الأعمى لمدينة طيبة الذي سيخبر أوديسيوس عن المصير الذي ينتظره في إيثاكا، وأخبرت سيرس أوديسيوس كيف يصل إلى العالم السفلي بأمان وودعته هو ورجاله.

عاد أوديسيوس ورجاله إلى أييا وسيرس بعد مغامرتهم في هاديس، وأخبرتهم سيرس أنّه سيتعين عليهم الإبحار عبر جزيرة سايرنس وأعطتهم تعليمات حول كيفية عبورهم بأمان، ثم أرسلت أوديسيوس ورجاله للمرة الأخيرة في ريح مواتية، ووفقًا للتقاليد الكلاسيكية نتج عن علاقة سيرس وأوديسيوس ثلاثة أطفال تيليجونس (Telegonus) وأرجوس (Agrius) ولاتينيوس (Latinus) على الرغم من أن بعض المصادر تذكر واحدًا فقط تيليجونس.

أرسلت سيرس تيليجونس للعثور على أوديسيوس الذي كان في إيثاكا وعند وصوله قتل تيليجونس بعض الماشية ودافع أوديسيوس عنها ولم يكن يعلم أنّ تيليجونس هو ابنه، ولسوء الحظ جرح تيليجونس أوديسيوس بحربة مائلة بإبرة من الراي اللاسع وتوفي أوديسيوس، وأصيب تيليجونس بالذهول عندما اكتشف أنّه قتل والده وأعاد جسد أوديسيوس مع وزوجته بينيلوب إلى سيرس حيث تزوجها، وفي بعض المصادر تزوجت سيرس أيضًا من تيليماكوس (Telemachus) ابن أوديسيوس و بينيلوب.

أسطورة سيرس وسيلا

تلعب سيرس دورًا مهمًا في تحول الحورية سيلا (Scylla) إلى وحش البحر التي تم إخبارها في تحولات أوفيد، وحقق الجلوكوس إله البحر تقدمًا نحو حورية البحر الجميلة ولكن تم رفضه، فقرر الجلوكوس الغاضب أن يقوم بزيارة سيرس وأخبرها عن شغفه بسيلا متوسلاً إياها لعمل جرعة حتى تعيد سيلا حبه، ولكن كان لدى سيرس خطة مختلفة.

فقد رفضت سيلا الجلوكوس تقدمها وأخبرت سيرس أنّه بينما كانت سيلا لا تزال على قيد الحياة فإنّ حبه لها لن يتلاشى حتى تنمو الأشجار في المحيط أو حتى تنبت الأعشاب البحرية على الجبال، فتأثرت سيرس باعترافه لكنها عرفت أنّها لا تستطيع أن تغضبها منه لأنّ حبها له كان كبيرًا جدًا، ولذا بدلاً من ذلك وجهت غضبها نحو سيلا، وقامت بخلط جرعة باستخدام بعض النباتات ذات الخصائص الشريرة ورددت تعويذاتها عليها، وبعد ذلك غادرت منزلها وهي مرتدية عباءة البحر الأزرق وسافرت إلى مسبح بحر سيلا حيث كانت تحب الاستحمام، ثم سكبت سيرس سمومها التي تنتج الوحوش في الماء وتحدثت بصوت عالٍ عن تعويذتها الغامضة.

لم يمض وقت طويل قبل أن تظهر سيلا في المسبح غافلة عما كان ينتظرها، وكانت عميقة الخصر حتى لاحظت أنّ النصف السفلي منها قد تحول إلى كلاب مسعورة وأنّها تحولت إلى مخلوق مخيف، فبكى الجلوكوس عندما اكتشف ما أصبحت عليه سيلا، وأظهرت سيلا كراهيتها لسيرس من خلال مهاجمة أوديسيوس ورجاله، والتي كانت ستدمر أيضًا سفن طروادة إذا لم يتم تحويلها إلى رأس صخري الذي لا يزال يجعل البحارة قلقين حتى يومنا هذا.

سيرس وميديا وجيسون

ميديا ابنة أخت سيرس وعشيقها البطل اليوناني جايسون قتلا بعنف شقيق ميديا أبسيرتوس في محاولة لتشتيت انتباه والد ميديا الملك اييتس أثناء فرارهما منه، وأخبرهم زيوس أنّهم سيُلعنون للإبحار في البحار إلى الأبد ما لم يتم تطهير ميديا بواسطة سيرس، ثم وصلوا إلى جزيرة سيرس ووجدوها تعمل في نولها، وكان لدى سيرس رؤية للدم وشعور بالهلاك الذي تعزز فقط مع وصول جايسون وميديا، وتعرفت على ميديا كدمها واستمعت برعب وهم يروون وفاة أبسيرتوس، وقامت سيرس بتنقية جيسون وميديا بالمياه النقية ومياه البحر ودم خنزير صغير لكنه رفض أن يُظهر لهم مزيدًا من الضيافة بعد اكتمال التطهير، وفي بعض المصادر رفضت تطهيرها على الإطلاق بعد أن اكتشفت ما فعلوه.

أسطورة سيرس وبيكوس

غالبًا ما حولت سيرس الرجال الذين احتقروها إلى حيوانات وقصة بيكوس ليست استثناءً، فبيكوس هو ابن زحل وملك لاتيوم، وحظيت ملامحه الوسامة بإعجاب كبير من قبل كل من قابلوه بما في ذلك سيرس الذي لم يكن محصنًا ضد مظهره الجميل، ولقد صادفته بالصدفة في الغابة ذات يوم وجمالها أخذ أنفاسها، واستحضرت وهم خنزير ليأخذ بيكوس بمفرده وينصب كمينًا له، ورفض بيكوس سيرس مشيرًا إلى أنّه كان يحب شخصًا آخر وهي كانينز ابنة يانوس، وحذرته سيرس من أنّ رفضه سيكون له عواقب وخيمة فقامت بضربه بعصاها بينما كانت تهتف بثلاث تعويذات مما جعله نقارًا للخشب.

المصدر: E. M. Berens, The Myths & Legends of Ancient: Greece and Rome, MetaLibri, October 13, 2009.LILIAN STOUGHTON HYDE, FAVORITE GREEK MYTHS: YESTERDAY’S CLASSICS, CHAPEL HILL, NORTH CAROLINA, 2008.JESSIE M. TATLOCK, GREEK AND ROMAN MYTHOLOGY, NEW YORK, THE CENTURY Copyright, 1917.ALEXANDER S. MURRAY, MASTUAL OF MYTHOLOGY: GREEK AND ROMAN, NORSE, AND OLD GERMAN, HINDOO AND EGYPTIAN MYTHOLOGY, NEW YORK: CHARLES SCRIBNER'S SONS, 1893.


شارك المقالة: