من هو البحتري:
عُرف البحتري بأنه كان شاعر من أهم شعراء العصر العباسي، وعُرف عنه أنه شاعر الوصف؛ لأنّه اعتمد في وصفه على الخيال والصفاء، تأثر البحتري بشعراء العرب وبكبار الشعراء وخاصةً أبي تمام فأخذ عنه الكثير من أقوله، وكان البحتري لا يكتب في الحكمة ولا يتأثر بالفلسفة مثل باقي الشعراء، إلى جانب ذلك فقد كان للبحتري مكانةً عالية ورفيعة بين شعراء العرب.
تركّز شعر البحتري على الألفاظ المستكرهة والاستعارات الغريبة، وكان البحتري يتجنب التعقيد في شعره، حيث كتب العديد من القصائد في الرثاء والمدح ولكنه أبدع في الوصف.
أشعار البحتري في المدح:
تركزت أشعار البحتري على ذكر المدح التكسبي، حيث كان شعره في المدح حاوياً على التهديد والمبالغ، ولكن على الرغم من ذلك فقد امتاز شعره بالسهولة والجمال، فقد قال في مدح المتوكل:
أكْرَمُ النّاسِ شِيمَةً، وأتَمُّ النّا
سِ خَلْقاً، وأكثرُ النّاسِ رِفْدا
مَلِكٌ حَصّنَتْ عَزِيمَتُهُ المِلْـ
ـكَ، فأضْحَتْ لَهُ مَعَاناً، وَرَدّا
أظْهَرَ العَدْلَ، فاستَنَارَتْ بهِ الأرْ
ضُ، وعَمَّ البِلاَدَ غَوْراً وَنَجْدَا
وَحَكَى القَطْرَ، بَلْ أبَرَّ عَلَى القَطْـ
ـرِ، بكَفٍّ على البرِيّةِ تَنْدَى
هُوَ بَحْرُ السّماحِ، والجُودِ،
فازْدَدْ مِنْهُ قُرْباً، تَزْدَدْ من الفَقْرِ بُعْدا
يا ثِمَالَ الدّنْيَا عَطَاءً وَبَذْلاً،
وَجَمَالَ الدّنْيَا سَنَاءً وَمَجْدَا
وَشَبيهَ النّبيّ خَلْقاً وَخُلْقاً،
وَنَسيبَ النّبيّ جَدّاً، فَجَدّا
بِكَ نَسْتَعْتِبُ اللّيَالِي، وَنَسْتَعْـ
ـدِي عَلَى دَهْرِنَا المُسِيءِ، فَنُعْدَى
وايضاً قال في مدح المهيثم بن عثمان الغنوي، قائلاً:
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً
منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى
أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ
يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ
عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً،
وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما
وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ
يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا
فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا،
وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما
وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا،
وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا
تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ،
فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا