أعطني حظّي من شواية الرضف

اقرأ في هذا المقال


التراث العربي يزخر بالحكم والأمثال، منها ما قيل في بيت شعر فصار مثلًا، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلًا، وأغلبها كانت ثمرة مواقف مختلفة، وقد تناقلت الأجيال تلك الأمثال والحكم حتى وصلت إلينا، ومثلنا اليوم هو المثل القائل: “أعطني حظّي من شواية الرضف”، وقد قيل هذا المثل في قديم الزمان، وله سأوردها فيما يلي من السطور.

مفردات مثل: “أعطني حظي من شواية الرضف”

أمّا الشواية بضم الشين، فهي الشيء الصغير من الكبير كالقطعة من الشّاة، إذ يقول العرب: “ما تبقى من الشاة إلّا شواية”، وأمّا شواية الخبز القرص منه، وشواية الرضف اللبن يغلي بالرضفة فيبقى منه شيء يسير قد انشوى على الرضفة.

قصة مثل: “أعطني حظّي من شواية الرضف”

مثل:  “أعطني حظي من شواية الرضف”، فقد أطلقته امرأة كانت غريرة، وكان زوجها يكرمها، في مطعمها وملبسها، كما أنّها كانت على درجة من الجمال، فحسدتها النساء على ذلك، فعاجلتها امرأة لتعيبها، فسألتها عمّا يصنع زوجها، فأخبرتها بإحسانه إليها، فما إن سمعت المرأة الحاسدة ذلك، قالت: وما إحسانه وقد منعك حظك من شواية الرضف! قالت: وما شواية الرضف؟ قالت: هي من أطيب الطعام وقد استأثر بها عليك، فاطلبيها منه فأحبّت قولها لغفلتها وسذاجتها، وظنّت أنّها قد نصحت لها، فتغيرت على زوجها، فلمّا أتاها وجدها على غير ما كان يعهدها فسألها ما بالها؟

قالت الزوجة: يا ابن عم تدّعي أنّي عليك كريمة، وأنّ لي عندك فضيلة ومزيّة، كيف هذا، وقد حرمتني شواية الرضف، بلغني حظّي منها، فلما سمع ما قالته عرف أنّها قد بُليت وخدعت، فأصاخ وكره أن يمنعها فترى أنّه إنّما منعها إياها بخلًا بها، فقال: نعم وكرامة أنا فاعل الليلة اذا راح الرعاء، فلما راحوا وفرغوا من عملهم، ورضفوا غبوقهم دعاها، فاحتمل منها رضفة، فوضعها في كفها.

كانت المرأة التي حدثتها عن شواية الرضف، قالت لها: إنّك ستجدين لها سبخًا في بطن كفك فلا ترميها فتفسد، ولكن عاقبي بين كفيك ولسانك، فلمّا وضع الزوج الشواية في كفها أحرقتها فلم ترم بها، فاستعانت بكفها الأخرى فأحرقتها، فاستعانت بلسانها تبردها به فاحترق، فتقرحت يداها، ونفطت لسانها وخاب مطلبها.

قالت الزوجة حينذاك: قد كان عييّ وشييّ يصريني عن شر، فذهبت مثلًا، معناه قد كان عجزي عن الكلام وسكوتي يدفع عني هذا الشر، وهو نَدم على ما ظهر منها، وهو يُضرب في الذرابة على العاثر الذي يتكلف ما قد كُفي، وأمّا قولها: “أعطني حظّي من شواية الرّضف”، فيُضرب للذي يسمو إلى ما لا حظّ له فيه.


شارك المقالة: