أمثلة على نماذج أدبية من العصر الأندلسي

اقرأ في هذا المقال


تميّز العصر الأندلسي بتنوع وازدهار الثقافة والعلوم والآداب فيه، وسطعت أهم الآداب وتطورت بشكل بارز وملحوظ آنذاك سواء أكان ذلك في مجال الشعر أو النثر، وقد تطرّق علماء وأدباء هذا العصر إلى جميع الآداب طوروا فيها وحرروها من قيود التقليد للمشرق العربي والغربي، في هذا المقال سنتناول أبرز النماذج الأدبية في هذا العصر.

نماذج نثرية من العصر الأندلسي

ازدهر النثر في العصر الأندلسي بشكل ملحوظ، وكان من أهم السمات التي يتميز بها النثر آنذاك هو السهولة وكان يبتعد عن التعقيد ، واضح المعالم لا يتخلله التكلف أو التصنع في بداية ظهوره، ولكن نتيجة للاضطرابات والنزاعات التي عاشتها الأندلس لاحقًا، توجه العديد من الأدباء إلى التكلف والتصنع، وظهرت المحسنات البديعية بكثرة وكذلك السجع وخصوصًا من الرسائل والخطابة، ومن الأمثلة على هذه النماذج النثرية ما يلي:

1- رسالة لسان الدين بن الخطيب

والتي كتبها لصديقه ابن خلدون ويقول فيها: ” أما الشوق فحدث البحر ولا حرج، وأما الصبر فسل به أية درج، بعد أن تجاوز اللوى والمنعرج، لكن الشدة تعشق الفرج، والمؤمن ينشق من روح الله الأرج، وأني بالصبر، على إبر الدبر، بل الضرب الهبر، ومطاولة اليوم والشهر حتى حكم القهر، وهل للعين أن تسلو سلو المقصر، عن إنسانها المبصر أو تذهل ذهول الزاهد، عن سرها الدائي والمشاهد.”

2- مقامة أبي حفص الشهيد

ويتحدث فيها عن رحلة قام بها وكيف استضافه رجل بدوي، ويقول فيها:

” ثم قام من مكانه، ودعا بصبيانه، وأغراهم بديكٍ له هرم ليذبحه في طاعة الكرم، وأدرك الديك ما يبيت له من الشر، فوقف خطيبًا يذكر أهل البيت بأفضاله عليهم قائلاً: أيها السادة الملوك! فيكم الشاب فُتح بالشباب والأشيب نوّر شيبه مع الكواعب والأتراب، وقد صحبتكم مدة، وسبحت الله تعالى على رؤوسكم مِرارًا عدة، أوقظكم بالأسحار وأؤذن بالليل والنهار، وقد أحسنت لدجاجكم سفادا، وربيت لكم من الفراريج أعدادا، فالآن حين بلى في خدمتكم تاجي أُنعى إلى دجاجي؟ وتُنحى الشغرة على أوداجي؟”

نماذج شعرية من العصر الأندلسي

ظهرت ملكة الشعر عند العديد من أهل الأندلس، وأبدعوا فيه وبرز فيهم العديد من الشعراء المشهورين الذين أحدثوا فيه نقلة نوعية، واستحدثوا فيه العديد من الأغراض الشعرية مثل الموشحات والأزجال وشعر وصف الطبيعة، وكذلك شعر المدن الأندلسية، فهم لم يكتفوا في الأغراض التقليدية المعروفة في الشعر، وفيما يلي نماذج من الشعر في الأغراض المستحدثة:

1- شعر رثاء المدن الأندلسية: تغنى شعراء الأندلس بمدنهم الأندلسية نظموا فيها العديد من الأشعار الرائعة، وكذلك رثوها بأشعارهم عند سقوطها بيد الأعداء، ومن شعر رثاء المدن ما قاله ابن عبد ربه واصفًا فيها قصور قرطبة فيقول:

ألما على قصر الخليفة وانظرا

إلى منيةٍ زهراء شيدت لأزهرا

مزوقة يستودع النجم سترها

فتحسبه يصغي إليها لتُخبرا 

بناء أتى ما الليل حلَّ قناعه

بدا الصبح من أعرافه الشُّم مسفرا

2- شعر وصف الطبيعة الأندلسية الخلابة: كانت الطبيعة الأندلسية هي الملهم الأول لجميع شعراء الأندلس، وقد أثرت في شعر الكثير منهم، وهذا ابن سفر المريني ينظم الشعر في الطبيعة الأندلسية الخلابة ويقول:

وكيف لا يبهج الأبصار رؤيتها

وكلَّ روضٍ بها في الوشى صنعاء

أنهارها فضةٌ، والمسك تُربتها

والخز روضتها، والدر حصباء

وللهواء بها لطفٌ يرقُّ به

من لا يرقُّ، وتبدو منه أهواء

3- شعر الحنين إلى الوطن: وظهر هذا النوع من الشعر بعد فتح الأندلس وتوطن فيها العديد من جنود الشام، وشبه الجزيرة العربية والعراق، فنظموا في شعر الحنين إلى الوطن؛ ليعبروا عن مدى شوقهم وحنينهم لوطنهم وأهلهم، وهذا الأمير عبد الرحمن الداخل ينظم شعرًا ليعبر فيه عن مدى حنينه وشوقه للشام وخصوصًا بعد رؤيته لشخص يستعد كي يسافر إليها فيقول:

أيها الراكب الميمم أرضي

أقري من بعض السلام لبعضي

إن جسمي كما علمت بأرض

وفؤادي كما علمت بأرض

قُدّر البين بيننا فافترقنا

وطوى البين عن جفوني غُمضي

4- فن الموشحات الأندلسية: ولد هذا النوع من الشعر في الأندلس، ونما وازدهر فيها وساعده على ذلك عدة عوامل في الأندلس، وبرز فيه العديد من الوشاحين، ومثال على ذلك ابن سهل الأندلسي ويقول في إحدى موشحاته:

هل درى ظبي الحمى أن قد حمى

قلبَ صبّ حلّه من مكنس

فهو في حر وخفق مثلما

لعبت ريح الصبا بالقبس

يا بدورًا أشرقت يوم النوى

عُررًا تسلكُ بي نهج الغرر

ما لنفسي في الهوى ذنب سوى

منكم الحسنى ومن عيني النظر

وفي النهاية نستنتج أن العصر الأندلسي هو العصر الذهبي لجميع الآداب والعلوم إذ ازدهرت فيه بشكل كبير، وبرز فيه العديد من الأدباء والشعراء والعلماء، وخلفوا للأجيال نماذج أدبية ونثرية وشعرية مميزة، واستحدثوا لهم من الآداب والعلوم والشعر الكثير.


شارك المقالة: