اقرأ في هذا المقال
ترتبط الأمثال أحياناً بصدد بعض المناسبات الخاصة، فأصبحت بعدها سائرةً وشائعةً بين الناس، فتميزت بقلة ألفاضها وسهولة واضحةً في المعنى، فالعديد من الأمثال القديمة استخلصت من قصة حدثت في قديم الزمان، فيبين الدلالة والعبرة منها؛ ليتضح للأشخاص المعاصرين مفهومة حتى يتواكب مع العصر الحالي؛ وذلك لما للأمثال أحياناً من كلمات قد يستصعب فهمها مضمونياً.
مضمون مثل “أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك”:
الغالبية العضمى من الناس، يرون من يكون قاسي وجاد في تقديم النصائح لهم، هو شخص صادق في تقديم النصيحة، أما الذين يقومون بتقديم النصيحة على سبيل المزاح والضحك، فهم غير صادقين بتقديم نصائحهم ولا يهمهم أمر غيرهم.
حيث عبر العرب من خلال هذا المثل عن فضل من يقومون بتقديم النصيحة، ففي معظم الأحيان قد تسبب الحزن للأخرين، لكن هي في حقيقة الأمر يكون الأساس فيها أنها قيلت من أجل تحفيز الآخر ومصلحة الشخص الذي يتوجه له النصيحة، فالأجدر بهؤلاء الأشخاص أن يتبعون من يكون صادق في النصيحة حتى لو كان قد تُسبب الحزن في بعض الأحيان، دون الأخرين الذين يسعون إلى الضحك واللهو في حياتهم، ولا يدركون ما يلم بهم من واقع.
إحدى القصص التي وردت عن مثل “أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك”:
قيل في قصة هذا المثل، أنه كانت هناك فتاة من العرب قديماً لهما عمات وخالات تقوم بزيارتهن بين الحين والآخر، فعندما تذهب لزيارة خالاتها، يقومن بالمزاح معها والضحك، ولا يتطرقن إلى الأمور الجدية التي تلامس الواقع في الحياة، فكانت تعيش معهن جواً جميلاً ولطيفاً من الراحة، ولكن كان يحدث عكس ذلك تماماً عند زيارتها لعماتها، إذ يوجهنها إلى السلوكيات التأديبية في الحياة، ويحولن كل تصرفاتها، فقد كان لا يعجبها هذا الجو وتحس بالغم من زيارتهن وتكره مجالستهن، فتجهش بالبكاء عند الرجوع من عندهن.
كانت الفتاة تفكر دائماً في هذا التناقض بين العمات والخالات، فذهبت لتتحدث مع أبيها في هذا الموضوع فقالت له: إن عماتي يبكينني، وإن خالاتي يلطفنني، فرد عليها والدها قائلاً: “أمر مبكياتك؛ وهو يعني بذلك أنها تقبل وتلزم أمر المبكيات؛ وقالها بصيغة الرفع؛ ليوضح لها أن حديث عماتك أولى بالإتباع والقبول من أي أمر آخر، ومنذ ذلك الوقت أصبحت عبارة والد الفتاة مثلاً يتداول بين جميع العرب.