اقرأ في هذا المقال
في الشعوب المحتقنة والغاضبة هذا المثل لا يُفضل أبداً؛ لأن الأنظمة تقوم بتغطية أذانها؛ من أجل عدم سماع مطالب الشعوب في بداية الأمر، خاصة عندما يزداد غضب الشعوب فيولد التجمعات الكبيرة والاحتجاجات في الميادين والشوارع، فالنظام الذي يتعنت طويلاً في تلبية مطالب الشعب لا يجدي حضوره المتأخر.
مضمون مثل “أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي”:
عندما يبلغ الاحتقان ذروته القصوى من جراء استبداد ومراوغة وفشل السلطة، يُعبر الشعب عن رفضه وغضبه بالنزول إلى الشارع، في ذلك الوقت المتأخر للاستجابة، حيث تكون التلبية لبعض المطالب غير مجدي، سيذهب التفكير المُجمع عليه من الجماهير المحتشدة إلى طريق بعيد يطالب فيه على سبيل المثال إلى إسقاط النظام ورحيله.
أحداث دارت حول هذا المثل:
في مدينة تشيلي قررت الحكومة آنذاك رفع سعر تذاكر قطارات المترو سانتياجو بنسبة ما يقارب 4%، فثارت الجماهير الشعبية غاضبةٌ، وأقامت احتجاجات في العاصمة لمدة 5 أيام، نتج عنها مئات المصابين و15 قتيلاً جراء اشتباكات دارت بين المتضاهرين والقوات الأمنية، كما احرق المتضاهرين وقتها ما يزيد عن 78 محطة مترو.
خرج رئيسهم بعدها على شاشة التلفاز يعلن حالة الطوارئ، متحدثاً حينها بأسلوب عصبي ملفت عن ما يحاك حول بلاده من مؤامرات، فقام بوصف المحتجين بأنهم خونة وعملاء يحولون قيادة البلاد إلى الفوضى والدمار، واعتبر حال بلادة على أنها حالة حرب مندلعة.
لكن وصول الرئيس كان متأخراً، حيث قدم ما ينبغي عليه تقديمه منذ بداية المعارضة، فأغلق أذانه امام المطالب الشعبية، فلم يصغي حينها المعارضون لخطابه، وأصروا على مطلبهم الوحيد الذي أصبح رحيل الرئيس.
العبر المستفادة من المثل:
إن لم تقم الأنظمة التي تحكم الدول إلى الإصغاء إلى المطالب الشعبية في الوقت المطلوب، فإن ذلك الأمر قد يؤدي إلى أمور لا تحمد عقباها، فالشعوب لها الحرية المطلقة في المطالبة بالحقوق المشروعة لهم، فعند وصولهم إلى ذروة الموضوع، فإنهم يقومون بتحشيد التجمعات والمظاهرات والثورات؛ من أجل المطالبة بحقوقهم الشرعية، فيسعون إلى تحقيقها مصرين على هذا الأمر بشتى الطرق والوسائل.
وإن لم يتم الوقوف على المشكلة منذ البداية، فإن المطالب الشعبية تذهب إلى طريق تصاعدية بالغضب، حيث تصل إلى حدود أبعد مما يتصوره النظام؛ جراء الاحتقان الذي يسببه، وفي وقتها فإن وصول النظام بالوقوف على المشكلة لا يجدي نفعاً.