أن ترد الماء بالماء أكيس

اقرأ في هذا المقال


  1. تُعد الأمثال من أصدق أنواع النثر عند الشعوب، وأما السبب فيرجع إلى أن الأمثال تحتوي في معانيها أخلاق الأمم وتفكيرها وعاداتها وتقاليدها، وكما أن الأمثال تصور حياة المجتمع بكافة جوانبها تصويرًا دقيقًا، وهي كذلك تعكس شعور قائلها ومن يتمثل بها بشكل دقيق، وتُعتبر الأمثال مرآة الحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية، وفي الحقيقة تُعدّ الأمثال أقوى دلالة من الشعر في ذلك؛ لأن الشعر لغة طائفة ممتازة، أما هي فلغة جميع طبقات المجتمع، ومثلنا الذي سأتناوله فيما يلي هو : “أن ترد الماء بالماء أكيس”.

فيمَ يضرب مثل: “أن ترد الماء بالماء أكيس”؟

يعدّ مثل: “أن ترد الماء بالماء أكيس”، من الأمثال العربية المشهورة، التي يُتمثل بها عند الأمر بالاقتصاد في المعيشة، والمحافظة على القليل، وإن كان المرء واثقًا من الحصول على الكثير في المستقبل، والأصل في هذا المثل، في المسافر عرف قربه من المنهل؛ فأسرف في استعمال ما معه من الماء، وأما الكياسة فهي الذكاء والفطنة مع الحذر والاحتراز للأمر وتقدير عواقب الأفعال التي قد يتوقف عليها مستقبل أو حياة الإنسان.

قصة مثل: “أن ترد الماء بالماء أكيس”

أما قصة مثل “أن ترد الماء بالماء أكيس”فيُروى أن رجلًا كان مسافرًا، ويسير في الصحراء وهو يحمل زاده من الماء في قربة، وبينما هو سائر وجد بئر ماء أمامه، فقال في نفسه: لأتخلص من الماء الذي اشتدت سخونته في القربة ثم أملأها من ماء البئر الباردة، ثم أفرغ قربته فوق الرمال بالكامل، حتى إذا وصل الى البئر وجدها جافة لا ماء فيها، فلام نفسه قائلا لها: أن ترد الماء بماء أكيس، فذهبت مقولته مثلًا تتداوله الألسن حتى يومنا هذا.

العبرة من مثل أن ترد الماء بالماء أكيس:

مثل “أن ترد الماء بالماء أكيس” كما هو غيره من الأمثال، والتي تحمل بين طياتها المعاني العميقة، إذ إنها تمثل حياة الشعوب، وتعكس تفاصيل دقيقة في مجريات أحداث حياتهم، والمثل فيه دعوة إلى التأني، وعدم التعجل، في التخلص من الشيء القليل، ليس لشيء إلا لتوقع الحصول على ما هو مجزٍ أكثر، والمثل كذلك يحث على أن يُعمل المرء عقله قبل الإقدام على أي عمل، فيه تحديد مصير.

المصدر: الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000


شارك المقالة: