اقرأ في هذا المقال
- أصل مثل “أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه” وفيمَ يُضرب؟
- قصة مثل “أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”
- “مثل أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه” في مظاهر الحياة الاجتماعية
ما المثل إلا تعبير عفويّ عن المواقف أو الأحداث المختلفة، ويتّصف المثل بالإيجاز إلى حدّ البلاغة، وهو خلاصة لتجارب وحكم من سبق من أجيال، ومن أهم سمات وخصائص الأمثال البساطة في اللغة والعمق في المعاني وسهولة الكلمات، هذا بالإضافة إلى أنها تحاكي كل العقول على اختلاف أنماطهم و ثقافاتهم، كما أنها تمتاز بربط الجيل الحالي بمن سبقه من أجيال.
أصل مثل “أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه” وفيمَ يُضرب؟
مثل “أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”، يُضرب في الذي خبره وصيته خير من مرآه و هيئته، ويعود أصل المثل “أن تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه”، وفي قول: “سمع بالمعيدي لا أن تراه”، إذ إننا في كثير من الأحيان، نسمع ثناءً ومديحًا لشخص ما لجميل أقواله أو أفعاله، ولما يتصف به من جميل الخصال، حتى إذا تعامل معه الناس عن قرب، وجدوه عكس ما قيل عنه، وهنا يخيب الظن في الذي قدروه له من التقدير والتوقير والإجلال، وفيما منحوه من الفرصة والتميّز عن غيره.
أما السبب في ذلك فهو المسافة الشاسعة في كيف ينظر الرجال إلى الرجال، حيث يختلف التقييم، وتتأثر تلك النظرة باختلاف مشاربهم الثقافية واختلافاتهم الفكرية وولاءاتهم العصبية والجغرافية والمذهبية، ولهذا لم يُجز عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في القصة المشهورة تزكيةَ من زكّى أحد الشهود عنده بعدله وفضله؛ لأنه لم يكن جاره القريب؛ فيعرف مدخله ومخرجه وليله ونهاره، ولم يتعامل معه بالدينار والدرهم فيعرف ورعه، ولم يرافقه في السفر فيعرف عنه مكارم الأخلاق.
قصة مثل “أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”:
قيل إن صاحب هذا المثل هو “النعمان بن المنذر”، وأما حكايته أن رجلاً من قبيلة بني تميم، يُدعى: “ضمرة”، وقد كان يُغير على حمى النعمان بن المنذر، حتى إذا نفد صبر النعمان كتب إليه: “أن ادخل في طاعتي، ولك مئة من الإبل”، فما كان منه إلا أن قبلها وأتاه، فلما نظر إليه ازدراه، وكان ضمرة دميمًا، فقال: «”تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”، فقال ضمرة: مهلًا أيها الملك، إن الرجال لا يُكالون بالصيعان، وإنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إن قاتل قاتل بجنان، وإن نطق نطق ببيان، فقال النعمان بن المنذر: صدقت لله درك! والقصة بكاملها في كتاب “جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري”.
“مثل أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه” في مظاهر الحياة الاجتماعية:
الكثير من العلاقات الاجتماعية فسدت بسبب أن الناس قد حمّلوا “المعيدي” ما لا يحتمل من الأقوال مدحًا وثناءً، أو ذمًّا وازدراءً، والكثير من الحقوق المشروعة للمعيدي قد ضاعت منه؛ بسبب ذمه وانتقاصه من الذين لا يعرفون حقيقته وأصالة معدنه، وحقوق كثيرة غير مشروعة قد تمكن منها ذلك “المعيدي”؛ بسبب مدحه والثناء عليه بما هو غير أهل له.