كلّ الأمم التي تعيش على الأرض لديها الإرث الثقافيّ الخاص، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، وفيما يلي سيتم ذكر قصة المثل العربي الشهير، هو: “إن العصا قُرعت لذي الحلم”.
ما المقصود بمثل: “إن العصا قُرعت لذي الحلم”؟
المقصود من المثل، أنه كلّما كبر الإنسان في السنّ؛ اكتسب أشياءًا، وفقد أشياءًا أخرى، وأكثر ما يفقده الإنسان على مدار رحلته الحياتية هي صحته التي تبدأ في الذبول حتى تسقط أوراقه في نهاية العمر؛ لذا فإن المسنّين قد يفقدون قوتهم الجسدية، وربّما العقلية، ومن هنا قد يأتي بعض الأشخاص؛ ليصححوا لكبار السن أخطاءهم الواردة في أي مجلس، وقد اشتهرت مقولة “إن العصا قرعت لذي الحلم”، والتي تعبر عن قصة في هذا الإطار، فما هي قصة هذه المقولة؟
قصة مثل: “إن العصا قُرعت لذي الحلم”:
قيل إنه كان هناك رجل حكيم من حكماء العرب، يُدعى “عامر بن الظرب العدوانيّ”، وقد عُرف بالحكمة التي لا يشبهها حكمة، وبفهمه الذي لا نظير له في كافة الأمور؛ لذلك حاز على لقب “ذي الحلم”، غير أنّه لمّا تقدّم في السن، أصبح كأي إنسان يفقد بعض عقله نتيجة لتلك الشيخوخة، وكان عامر بن الظرب العدواني في تلك الفترة لايزال يفطن إلى الذي حدث له بعد أن دارت به الحياة دورتها الطبيعية، غير أنه كان ذكيًّا واعيًّا لغياب عقله بعض الشيء، وهو ما جعله يطلب من أولاده أن ينتبهوا لأفعاله، حيث قال لهم : “لقد كبرت سنّي، وعرض لي سهو، فإذا رأيتموني خرجت من كلامي، وأخذت في غيره، فاقرعوا لي المجنّ، “أي الترس” بالعصا.
بعد ذلك صار أبناء عامر بن الظرب، متيقظين لحديث والدهم، وكان كلمّا سها قليلًا في حديثه، بادروا إلى قرع العصا من أجله، فيتنبه لما يفعله، ومن وقتها صارت عبارة: “إنّ العصا قُرعت لذي الحلم” مثلًا؛ لتشير إلى أنه لا يوجد إنسان على وجه هذه البسيطة أكبر أو أقوى من أن يُصاب بأمراض الشيخوخة.