إن سعیكم لشتى

اقرأ في هذا المقال


الآية:

﴿إِنَّ سَعۡیَكُمۡ لَشَتَّىٰ﴾ [الليل ٤]

ذكر الماوري في كتابه (أدب الدين والدنيا) أنّه مرّ بعض الزهاد برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: ما هذا؟ قالوا مسكين، سرق منه رجل جبة ومر به آخر فاعطاه جبة فقال: صدق الله: ﴿إِنَّ سَعۡیَكُمۡ لَشَتَّىٰ﴾.
 لو نظرت على سبيل المثال – في أحوال الناس في المطار؛ لرأيت من الناس (سعياً شتى) فكلٌ يحمل حقيبة سفر؛ لكن المقاصد متفرقة، فهذا مسافر لأداء العمرة، وهذا في رحلة علاج طبي، وذاك لتجارة يخشى كسادا، ورابع للنزهة، وخامس للدراسة، وسادس للتقديم على وظيفة، وسابع للزيارة.

تعددت الأغراض، وتنوعت المقاصد واختلفت الغايات، وكلهم مسافر، وصدق الله ﴿إِنَّ سَعۡیَكُمۡ لَشَتَّىٰ﴾، ولو تأملت هذه الآية الفذة التي بلغت إيجازاً وتصديقاً؛ لرأيت كيف أنّها في غاية المناسبة حينما وقعت جواباً للأقسام ثلاثة أقسم الله بها ربّ العزة في مطلع سورة الليل.

(وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَغۡشَىٰ (١) وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ (٢) وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰۤ (٣) إِنَّ سَعۡیَكُمۡ لَشَتَّىٰ (٤) فقد أقسم بالليل والنهار وهما في غاية التضاد، فالأول أسود معتم، والثاني أبيض مضيء، وليس الليل كالنهار.

ثمّ أقسم بنفسه خالق الذكر والأنثى، وهما كذلك متضادان(وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰۤ) ثم جاء جواب القسم محلياً لهذه الحقيقة، وهي الاختلاف الكثير، والتضاد الكبير في أعمال الناس وسعيهم ﴿إِنَّ سَعۡیَكُمۡ لَشَتَّىٰ﴾ فمن عمل شراً! (وشتى)  جمع شتيت ك (مرضى) جمع مريض.

والسعي هو: مطلق العمل لا سعي الأقدام، وما زال الناس مذ خلقهم الله وهم على غير قلب رجل واحد.

والآية فيها دلالة واضحة على أنّ أحوال الناس مختلفة ومتباينة، نسأل الله أن يوفقنا للخير.


شارك المقالة: