إن من البيان لسحرا

اقرأ في هذا المقال


كل أمة من الأمم التي تعاقبت الحياة على هذا الكوكب، تمتلك الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما إنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمقولة التي بين أيدينا، وقد جرت على الألسن مجرى الأمثال، هي: “إن من البيان لسحرا”.

معنى مثل “إن من البيان لسحرا” وفيم يضرب”؟

أما معنى: “إن من البيان لسحرا”، هو أن بعض البيان في عمله وتأثيره كالسحر، وأما معنى السحر، فهو: أن يظهر الباطل في هيئة الحق، والبيان، هو: أن تجتمع الفصاحة، والبلاغة مع ذكاء القلب واللسان، وإنما شبه بالسحر؛ لحدة عمله في سامعه وسرعة قبول القلب له، والمثل يُضرب في استحسان المنطق وإيراد الحجة البالغة.

ما هو أصل مقولة “إن من البيان لسحرا” وهل هي حديث؟

هناك الكثير من الروايات تدور حول قصة مقولة: “إن من البيان لسحرا”، إذ روى الإمام البخاريّ في صحيحه، كتاب الطب، باب: “إن من البيان سحرًا”، عن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رجلين قدما من المشرق، فخطبا فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ من البيان لسحرًا، أو إن بعض البيان سحر”، وثمة رواية أخرى، هي البارزة في كتب التراث، حيث أورد الميداني المثل الأول في كتابه: “مجمع الأمثال”، “إن من البيان لسحرا”، وذكر قصته، لما قال: هذا مثل قاله النبي- صلى الله عليه و سلم- حين وفد عليه “عمرو بن الأهتم، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم”، فسأل عليه الصلاة والسلام عمرو بن الأهتم عن الزبرقان، فقال عمرو: مطاع في أدنيه، شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره، حينذاك قال الزبرقان: يا نبي الله إن عمرًا يعلم مني أكثر من هذا، غير أنه حسدني، فقال عمرو: أما والله إنه لزمِر المروءة، ضيّق العطَن، أحمق الوالد، لئيم الخال، والله يا رسول الله ما كذبت في الأولى، ولقد صدقت في الأخرى، ولكني رجل رضيت، فقلت أحسن ما علمت، وسخطت فقلت أقبح ما وجدت، فقال عليه الصلاة و السلام: “إن من البيان لسحرا”.


شارك المقالة: