﴿قَالَ رَبِّ بِمَاۤ أَغۡوَیۡتَنِی … ﴾ [الحجر ٣٩]
هذا حوار دار بين رب العالمين وبين إبليس وكلمة أغويتني : تعني أي بسبب إغوائك إياي – وقيل بسبب أضلالك إياي وطردتني من رحمتك .
من أشهر علامات النضج عند الإنسان أن يُعلّم نفسه عدم إلقاء اللوم على الآخرين ولا يتعذَّر بوجود الظروف المحيطة به وأنَّها سبب من أسباب عدم نجاحه .
وعلامة الصادق اتهام نفسه، وعلامة الكاذب التعذر بأخطاء الآخرين ، لذلك يقول مايكل كوردا : أنّ الميْزةَ الوحيدةَ التي تجمعُ بين النَّاجحين في العالمِ تكمن في قدرتِهم على تحمُّلِ المسؤوليَّة .
إبليس في هذه الآية علَّق فشله ورفضه لأوامر الله ، أن الله قد أغواه وهذا سوء أدب مع الله، وسيدنا آدم عليه السلام عندما أذنب قال ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَاۤ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ﴾ [الأعراف ٢٣] ونسب التقصير والخطأ الى نفسه بخلاف إبليس، الأمر صدر من الله لسيدنا آدم عليه السلام، وصدر لإبليس، فماذا كانت النتيجة؟؟
سيدنا آدم المتواضع أخطأ مع ذلك أعتذر، وأمَّا المتكبر والهارب عن المسؤولية يلقي اللوم على الظروف والآخرين وفي الحديث الصحيح لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني. الحديث رواه الترمذي .
نفس صاحب هذه النفسية ينسب سبب ضلاله وطغيانه لرب العالمين فيقول يوم القيامة ﴿أَن تَقُولَ نَفۡسࣱ یَـٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِی جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّـٰخِرِینَ – أَوۡ تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِی لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [الزمر ٥٦- ٥٧] فهو ينسب التقصير إلى الله لأنَّ الله لم يهده الى الطريق الصَّواب وحاشاه سبحانه وتعالى.
فالله يريد منا أن نبحث في دواخلنا ونفوسنا عندما يقول ﴿وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ﴾ [الذاريات ٢١]
الخلاصة :
لذلك يقول جون برنارد شو : إنَّ الأشخاصَ الَّذين ينجحونَ في هَذا العالمِ هُم الأشخاصُ الَّذين ينهضونَ ويبحثونَ عَن الظُّروف التي يريدونها، وإذا لم يستطيعوا إيجادها يصنعوها .
فكف عن الشكوى وابدأ في الحياة ولا تتعذر بوجودك في بيئة، او ظروف صعبة، او أنك لا تعيش حياة الأغنياء. فكثير من الناجحين كانوا يعيشون في ظروف صعبة، بل منهم من كان ذو عاهة ومرض مع ذلك سُجل اسمه في قائمة عظماء التاريخ .