اقرأ في هذا المقال
تتميز كل الشعوب بميراثها الثقافي الذي تملكه، والذي يمثل الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “اجت الحزينة تفرح، ما لقت ليها مطرح”.
لم يضرب مثل “اجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”؟
الأمثال لم تأتِ من وحي خيال الكتّاب والمؤلفين، بل إنها أتت من واقع حيّ مرت على السابقين، ونظرا لبراعتهم وفصاحتهم، فقد تمكنوا من تلخيص هذا الواقع والمواقف المختلفة التي مروا بها، في كلمات قصيرة موجزة، عرفت باسم “الأمثال الشعبية”، كما أن وراء أغلب الأمثال حكاية، ساهمت في نشأته وشيوعه، ويعد مثل: “اجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”، من أشهر الأمثال الشعبية، والذي يُضرب في الأشخاص ذوي الحظّ السيء، الذين يحاولون عبثًا أن يجدوا لهم محلًا بين السعداء.
قصة مثل “اجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”:
أما أصل مثل: “اجت الحزينة تفرح، ما لقت إلها مطرح”، فيرجع إلى زمن قديم، إذ كان هناك أسرة كبيرة، تعيش في إحدى القرى الفقيرة النائية، وكانت تعرف باسم “عائلة تفرح”، وكانت هذه العائلة مشهورة بكرمها، وحسن ضيافتها، وأخلاقها الطيبة، وكان لهذه العائلة فتاة فائقة الجمال، ورقيقة القلب تسمى “الحزينة”، وفي يوم من الأيام، قرر تاجر يدعي “مطرح” أن يستريح من مشقة السفر في هذه القرية، لمدة يوم واحد، فقام أهل القرية بنصحه أن يمكث ليلته عند عائلة “تفرح”، نظرًا لكبر منزلهم واتساعه من جهة، وحسن ضيافتهم من جهة أخرى.
على الفور قام التاجر بالتوجه إلى عائلة “تفرح”، وحين شاهد ابنتهم “الحزينة” أعجب بها، وقرر أن يزوجها لابنه “إلها”، وبالفعل تمت الخطبة، غير أن الشاب “إلها” اكتشف أن خطيبته “الحزينة” بها عيب، وهو أنها في غاية العصبية، وعلاوة على ذلك، فقد نشب بينهما خلاف شديد قبل العرس، إلا أن “الحزينة” في نهاية الأمر اعتذرت من خطيبها، ولكن “إلها” لم يقبل اعتذارها، وقرر أن ينتقم منها، إذ إنه بعد أن ارتدت العروس “الحزينة” ملابس العرس، وجلست تنتظره هي والضيوف، إلا أنه لم يأتِ، عندها أدرك الجميع بأن العريس “إلها” لن يأتي، وأخذ المعازيم يرددون مقولة “اجت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح”، ومنذ ذلك الحين، أصبح الكثيرون يرددون هذا المثل، حين يتعرض شخص ما لسوء الحظ.