الأمير فيكل وهيلينا الجميلة (Prince Fickle and Fair Helena) قصة لأندرو لانغ من سلسلة القصص الخيالية في كتاب الجنية الخضراء.
الشخصيات:
- الأمير فيكل.
- هيلينا.
الأمير فيكل وهيلينا الجميلة:
كانت هناك ذات مرّة فتاة جميلة تدعى هيلينا، لقد ماتت والدتها عندما كانت طفلة، وكانت زوجة أبيها قاسية معها بقدر ما تستطيع، حيث بذلت هيلينا كل ما في وسعها لتكسب حبها، وقامت بالعمل الشاق الذي أعطته لها أن تفعله بمرح وحسن، لكن قلب زوجة أبيها لم يتأثر على الإطلاق، وكلما فعلت الفتاة المسكينة، طلبت منها أن تفعل أكثر.
وذات يوم أعطت هيلينا اثني عشر رطلاً من الريش المختلط وأمرتها بفصلها جميعًا قبل المساء، وهددتها بعقوبة شديدة إذا لم تفعل ذلك، فجلست الطفلة المسكينة على مهمتها وعيناها ممتلئتان بالدموع لدرجة أنّها بالكاد تستطيع أن ترى حتى تبدأ، وعندما صنعت كومة واحدة صغيرة من الريش، تنهدت بعمق حتى طاروا جميعًا مرة أخرى. وهكذا استمر الأمر، فحنت رأسها بين يديها وصرخت: ألا يوجد أحد تحت السماء يشفق علي؟
وفجأة أجابها صوت رقيق: ارتاحي يا طفلتي، جئت لمساعدتك، نظرت هيلينا إلى الأعلى ورأت جنية تقف أمامها فكانت مذعورة حتى الموت، سألتها بلطف: لماذا تبكين يا عزيزتي؟ هيلينا التي لم تسمع صوتًا ودودًا لوقت طويل ، أسرت قصتها الحزينة عن الويل للجنية، وأخبرتها بالمهمة الجديدة التي كُلّفت بها، وكيف يأست من إنجازها.
قالت الجنية اللطيفة: لا تقلقي بشأن ذلك بعد الآن، استلقي واخلدي إلى النوم، وسترين أن عملك قد تم على ما يرام، لذلك اضطجعت هيلينا، وعندما استيقظت تم فرز كل الريش إلى حزم صغيرة لكن عندما التفتت لتشكر الجنية الطيبة كانت قد اختفت، وفي المساء، عادت زوجة أبيها وكانت مندهشة للغاية عندما وجدت هيلينا جالسة بهدوء مع انتهاء عملها أمامها.
أثنت على اجتهادها، لكنّها في الوقت نفسه أرهقت دماغها بشأن المهمة الأصعب التي يمكن أن تكلفها بها، وفي اليوم التالي طلبت من هيلينا إفراغ بركة بالقرب من المنزل بملعقة مليئة بالثقوب، بدأت هيلينا العمل في الحال، لكنّها سرعان ما وجدت أن ما أخبرتها زوجة أبيها أن تفعله كان مستحيلاً، وفي لحظة مليئة باليأس والبؤس، رمت الملعقة بعيدًا، عندما فجأة وقفت الجنية اللطيفة أمامها مرة أخرى، وسألتها لماذا كانت غير سعيدة للغاية؟
عندما أخبرتها هيلينا عن طلب زوجة أبيها الجديد، قالت: ثقي بي وسأقوم بمهمتك نيابة عنك، استلقي ونامي في هذه الأثناء، شعرت هيلينا بالراحة، ثمّ قامت الجنية بإيقاظها بلطف وأخبرتها أنّ البركة كانت فارغة، مليئة بالفرح والامتنان، سارعت هيلينا إلى زوجة أبيها، على أمل أن يخفف قلبها تجاهها أخيرًا، لكن المرأة الشريرة كانت غاضبة من إحباط مخططاتها الشريرة، وفكرت فقط في الشيء الأصعب الذي يمكن أن تجعل الفتاة تفعله.
في صباح اليوم التالي أمرتها ببناء قلعة جميلة قبل المساء، وجلست هيلينا على الصخور التي تم الإشارة إليها كموقع للقلعة، وشعرت بالاكتئاب الشديد، ولكن في نفس الوقت مع الأمل الكامن في أن تأتي الجنية الطيبة مرّة أخرى لمساعدتها، وهكذا ظهرت الجنية ووعدت ببناء القلعة، وطلبت من هيلينا الاستلقاء والنوم، وفي هذه الأثناء بكلمة واحدة من الجنية، ارتفعت الصخور والأحجار وبنت نفسها في قلعة جميلة، وقبل غروب الشمس كانت جميعها مفروشة بالداخل، ولم تترك شيئًا مرغوبًا فيه.
لكنّ زوجة أبيها لم تكن مسرورة، وذهبت عبر القلعة بأكملها من أعلى إلى أسفل لترى ما إذا كانت لا تستطيع العثور على خطأ يمكن أن تعاقب هيلينا بسببه، أخيرًا نزلت إلى أحد الأقبية، لكن الظلام كان شديدًا لدرجة أنّها سقطت من على الدرج شديد الانحدار وقتلت على الفور، لذلك كانت هيلينا الآن سيدة القلعة الجميلة، وعاشت هناك في سلام وسعادة، وسرعان ما انتشر ضجيج جمالها في الخارج، فجاء العديد من الرجال في محاولة لكسب يدها.
من بينهم جاء الأمير فيكل بالاسم الذي فاز بسرعة كبيرة بحب هيلينا الجميلة، و في أحد الأيام ، بينما كانا يجلسان معًا بسعادة تحت شجرة الليمون أمام القلعة، نقل الأمير فيكل الأخبار المحزنة إلى هيلينا أنه يجب عليه العودة إلى والديه للحصول على موافقتهما على زواجه، لقد وعدها بأمانة بالعودة إليها بأسرع ما يمكن وتوسل إليها أن تنتظر عودته تحت شجرة الليمون حيث أمضوا ساعات سعيدة.
قبلته هيلينا بحنان عند فراقه، وتوسلت إليه ألا يسمح لأي شخص آخر بتقبيله هناك أثناء انفصالهما ووعدته بالجلوس وانتظاره تحت شجرة الليمون، لأنها لم تشك في أن الأمير سيفترق عنها وسييكون مخلصًا لها وسيعود بأسرع ما يمكن، وجلست ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ تحت الشجرة دون أن تتحرك، لكن عندما لم يعد حبيبها أبدًا، أصبحت حزينة جدًا وعقدت العزم على الانطلاق للبحث عنه.
أخذت أكبر عدد ممكن من مجوهراتها، وثلاثة من أجمل فساتينها، واحدة مطرزة بالنجوم، وواحدة بأقمار، والثالثة بالشمس، كلها من الذهب الخالص وكانت تتجول في جميع أنحاء العالم على نطاق واسع، لكنّها لم تجد أي أثر لعريسها في أي مكان، وفي النهاية تخلت عن البحث في يأس ولم تستطع تحمل العودة إلى قلعتها الخاصة حيث كانت سعيدة جدًا بحبيبها، لكنّها مصمّمة بدلاً من ذلك على تحمل وحدتها وخرابها في أرض غريبة.
وجدت مكانًا كفتاة قطيع مع فلاح، ودفنت مجوهراتها وفساتينها الجميلة في مكان آمن ومخبأ، وكل يوم كانت تقود الماشية إلى المرعى، وطوال الوقت لم تفكر في شيء سوى عريسها غير المؤمن، كانت مخلصة جدًا لعجل صغير معين في القطيع، وصنعت منه حيوانًا أليفًا رائعًا، تطعمه من يديها.
وكانت تجثو أمامه ثم تهمس في أذنه: اركع أيها العجل صغير، اركع، كن مخلصًا وهادئًا، ليس مثل الأمير المتقلب الذي ترك ذات مرة هيلينا الجميلة، بعد مرور بضع سنوات على هذا النحو، سمعت أنّ ابنة ملك البلد الذي كانت تعيش فيه ستتزوج أميرًا يُدعى فيكل حيث ابتهج الجميع بالأخبار باستثناء هيلينا المسكينة، التي كانت بمثابة ضربة مخيفة لها، لأنّها كانت تعتقد دائمًا أنّ عشيقها حقيقي في أعماق قلبها.
لقد صادف الآن أنّ الطريق إلى العاصمة يمر عبر القرية التي كانت بها هيلينا، وفي كثير من الأحيان عندما كانت تقود ماشيتها إلى المروج، كان الأمير فيكل يمر بها دون أن يلاحظ قط فتاة القطيع المسكينة، فقد كان منشغلاً للغاية بعروسه الجديدة، ثم خطر ببال هيلينا اختبار قلبه ومعرفة ما إذا كان من الممكن أن تذكر نفسها له. لذا في أحد الأيام عندما ركب الأمير فيكل بجانبها قالت لعجلها الصغير: اركع، أيّها العجل الصغير، كن مخلصًا وهادئًا، ليس مثل الأمير المتقلب الذي ترك مرّة واحدة هيلينا المسكينة.
عندما سمع الأمير فيكل صوتها بدا له أنّه يذكره بشيء ما، ولكن لم يتذكره لأنّه لم يسمع الكلمات بوضوح، لأنّ هيلينا تحدثت بصوت منخفض للغاية وبصوت مرتعش، كانت هيلينا نفسها تسعى كثيرًا للسماح لنفسها برؤية الانطباع الذي تركته كلماتها على الأمير، ولكن عندما نظرت حولها كان بعيدًا بالفعل، لكنّها لاحظت كم كان يركب ببطء، ومدى غرقه العميق في التفكير لذلك لم تستسلم تمامًا كما فقدت.
تكريما لحفل الزفاف الوشيك، كان من المقرر إقامة وليمة استمرت ليال عديدة في العاصمة، علقت هيلينا كل آمالها على هذا، وعقدت العزم على الذهاب إلى الحفل وهناك للبحث عن عريسها، عندما اقترب المساء، سرقت نفسها سرًا من كوخ الفلاح، وذهبت إلى مخبأها و لبست ثوبها المطرز بالشمس الذهبية، وجميع مجوهراتها، وأسدلت شعرها الذهبي الجميل الذي كانت تغطيه دائمًا تحت منديل، وتزيّنت هكذا وانطلقت إلى المدينة.
عندما دخلت الحفل كانت كل العيون عليها، وتعجب الجميع بجمالها، لكن لم يعرف أحد من هي، كان الأمير فيكل أيضًا مبهورًا جدًا بسحر العذراء الجميلة، ولم يخمن أبدًا أنّها كانت ذات يوم حبيبته، ولم يتحرك من جانبها طوال الليل، وكان من الصعب جدًا أن تهرب هيلينا منه وسط الحشد عندما حان وقت العودة إلى المنزل حيث لحقها الأمير فيكل في كل مكان، وكان يتوق بشغف إلى الليلة التالية للقائها، عندما وعدته السيدة الجميلة بالعودة مرّة أخرى.
في المساء التالي، بدأت هيلينا في وقت مبكر لتجهيز نفسها للحفل، وهذه المرة ارتدت ثوبها المطرز بأقمار فضية ، ووضعت في شعرها هلالاً فضي، كان الأمير فيكل مفتونًا برؤيتها مرة أخرى، وبدت له أكثر جمالًا ممّا كانت عليه في الليلة السابقة، ولم يترك جانبها أبدًا، ورفض الرقص مع أي فتاة أخرى وتوسل إليها أن تخبره عن هويتها، لكنّها رفضت ذلك، ثم ناشدها أن تعود مرّة أخرى مساء اليوم التالي، ووعدته بذلك.
في المساء الثالث، نفد صبر الأمير فيكل لرؤية فتاته الساحره الجميلة مرة أخرى، لدرجة أنه وصل إلى الحفل قبل ساعات من بدئه، ولم يرفع عينيه عن الباب حيث وصلت هيلينا أخيرًا بفستان مغطى بنجوم ذهبية وفضية، وفي شعرها حزام من النجوم حول خصرها، وفرقة من النجوم، كان الأمير فيكل يحبها أكثر من أي وقت مضى، وتوسل إليها مرّة أخرى لإخباره باسمها.
ثم قبلته هيلينا بصمت على خدّه الأيسر، وفي لحظة واحدة تعرف الأمير فيكل على حبه القديم وكان مليئًا بالندم والأسى، وتوسل لها أن تسامحه، فكانت هيلينا، مسرورة جدًا بعودته مرّة أخرى، ولم تجعله ينتظر وقتًا طويلاً للحصول على عفوها، وهكذا تزوجا وعادا إلى قلعة هيلينا، ولا زالا جالسين بسعادة معًا تحت شجرة الليمون.