قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامࣲ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ یَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ یَوۡمࣲۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِا۟ئَةَ عَامࣲ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ یَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَیۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمࣰاۚ فَلَمَّا تَبَیَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ صدق الله العظيم [البقرة ٢٥٩]
تفسير الآية :
قال صاحب كتاب التسهيل : (أَوۡ كَٱلَّذِی مَرَّ عَلَىٰ قَرۡیَةࣲ ) تقديره :أو رأيت مثل الذي، فحذف لدلالة (ألم ترى عليه) لأنّ كلتيهما تعجب وكأنّه يقول : أرأيت كالذي حاج إبراهيم – وهذا المار هو عزير، وقيل الخضر.
فقوله (قَالَ أَنَّىٰ یُحۡیِۦ هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ ) ليس إنكاراً للبعث ولا استبعاداً ولكنّه استعظام لقدرة الذي يحيي الموتى، أو سؤال ( عن كيفية الإحياء وصورته)
﴿وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا﴾ قال صاحب تفسير التسهيل: أي خالية من الناس.
﴿لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ أي لم يتغير، بل بقي على حاله.
﴿ننشرها﴾ أي : نحييها.
الدرس المستفاد :
إن هذه الآية وإن أشارت إلى حادثة خاصّة ظهرت فيها قدرة الله تعالى، بأن أحيا ميتة بعد مئة عام غضاً طرياً، وأبقى الطعام – الذي يفسد ولم يتعفن: ولكنّ هذه الآية تنطوي على معنى لطيف آخر، وهو أنّ الله عزوجل قد يحيي دينه ورسالته بعد خمودها، وانفصام صلة الشعب والبلاد بها، وفقدان الدفاع عنها وضعف الحمية لها لمدّة طويلة قد تبلغ مئة سنة، ويعيد إليها النضارة والطراوة، فإنّه إذا كان قادراً على إبقاء الطعام طيباً شهياً لمئة عام لم يفسد ولم يأسن، فهو قادر – جلّ شأنه – على إبقاء دينه بعد مضي مئة عام أو أكثر عليه، في أوضاع متنكرة وظروف قاسية ، والذي يظهر من الآية بشارة سارة بأنّ الشعوب التي رفعت لواء الإسلام وأرهبت الغرب، ستعود إلى الازدهار والحياة والنشاط.
قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿تُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَیَّ مِنَ ٱلۡمَیِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَیِّتَ مِنَ ٱلۡحَیِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾ صدق الله العظيم [آل عمران ٢٧]