إلى جانب معلقة لبيد بن ربيعة المشهورة، فإنّ له ديوان من الشعر يحتوي على قصائد متعددة الموضوعات ومنها ما تناول الهجاء أو موضوع المدح والفخر بقومه أو وقوفه على الأطلال وغيرها، وجميعها مشتركة بسمة معينة وهي الفصاحة والبلاغة.
تعريف الاستفهام
الاستفهام: “هو أسلوب إنشائي الهدف منه طلب الإفهام والإعلام وهذا واضح من معنى الفعل: استفهم. فهو الأسلوب الذي يُطلب به الجواب عن السؤال ویُنتظَر الرد عليه، وهذا هو المعنى الابتدائي والأصلي للاستفهام.”
الاستفهام في شعر الهجاء عند لبيد بن ربيعة
من الأمثلة على أسلوب الاستفهام في شعر الهجاء عند لبيد بن ربيعة:
أبَــــني كــــلابٍ كيــــفَ تُنفَــــى جَعْفــــر
وبنـــو ضُـــبَيْنَةَ حاضـــرو الأجبـــابِ
قَتَلــــوا ابــــنَ عُــــرْوَةَ ثم لطُّــــوا دونَــــه
حـــــــتى نحـــــــاكِمَهُم إلى جَـــــــوَّاب
بــينَ ابــنِ قَطْــرَةَ وابــنِ هاتِــكِ عَرشِــه
مـــــا إنْ يجـــــودُ لوافـــــدٍ بخِطَـــــاب
ففي البيت الأول يخاطب لبيد بن ربيعة بني كِلاب، ويستعمل في ذلك أسلوب الاستفهام ب(كيف) تُنفَى جعفر؟ فهنا يقوم بالتعجب من نفي بني جعفر وطردهم مـن مكانهم، من أرضهم وأرض آبائهم، في حين أن بني ضبينة الذين قتلوا عروة بن جعفر ما زالوا مقيمين على المياه.
ويقوم الشاعر بإنكار هذا العمل، حيـث أنهم قاموا بقتل عروة وابتعدوا عـن أداء الحق وما يترتب عليهم من ديّة.
وفي قوله: “بين ابن قطـرة وابـن هاتـك عرشـه” هنا المقصود هو “جـوّاب بـن عـو ف سـيد بـني بكر”، الذي حكم بنفي الجعفريين، فيقول: كأنه مُسيّج بالملكين وهما (ابـن قطـرة– ابـن هاتـك عرشـه)، وهو بينـهما يمشي بغرور وتكبر، ومن الواضح هنا أن الشاعر يريد النيل مـن جـوّاب ولكن بأسلوبه الساخر.
فأسلوب الاستفهام بِـ(كيف) يدل على أنه ينكر الفعل الذي قاموا به، ويقول لبيد بن ربيعة أنه لا يجب أن يكون هذا الفعل بينهم، ويقصد بذلك الفعل نفي بني جعفر وإبعادهم عن مكانهم وموطنهم.