يعتبر الانتماء ظاهرة إنسانية تتولد بشكل قوي مع وجود الإنسان نفسه، وهو متنوع وفق تنوع الروابط بين الناس، ويقوم بالتمييز بين الناس.
الانتماء في الشعر الجاهلي
إن الانتماء في الشعر الجاهلي يتم معرفته من خلال القراءة المتمعنة للألفاظ وتراكيب الشعر آنذاك، فالشاعر الجاهلي كان يبث أفكاره وأحاسيسه في شعره، ومن مظاهر الانتماء في الشعر الجاهلي ما يلي:
1- الزيادة في الرفعة والمكانة العالية ورفعة الشأن: فالإنسان في الشعر الجاهلي يُنمّيه نسبه وحسبه، ومثال ذلك قول النابغة الذبياني:
إلى صعب المقادة منذري
نماه في فروع المجد نامي
2- السعي للأمور الشريفة: فقد كان الانتماء في القيام بالأمور النبيلة التي تزيد الشرف وتعلو بها الهمم، ومثال ذلك قول الشاعر طرفة بن العبد يذكر قومه:
نُبَلاءِ السَعيِ مِن جُرثومَةٍ
تَترُكُ الدُنيا وَتَنمي لِلبَعَدْ
3- سرعة الحركة والخفّة: ومثال ذلك قال عبيد بن الأبرص يصف بشعره سرعة الحركة لظبي تلحقه مجموعة من الكلاب بما يلي:
إِذا خافَ مِنهُنَّ اللِحاقَ نَمَت بِهِ
قَوائِمُ حَمشاتُ الأَسافِلِ روحُ
4- الزيادة في القيمة المادية للأشياء: ومثال عليها شعر أبو ذؤيب الهذلي يقوم من خلاله بوصف الجوهرة والدرة لتاجر يدعى الرقاح، فالدرة بشعره تنمو قيمتها ويزداد ربحها فيقول:
بكفي رقاحي يريد نماءها
فيبرزها للبيع فهي قريح
5- تبليغ الحديث بقصد الإساءة: ومثال عليه قول بشر بن علَيق الطائي:
أَعامِلَ ما بالُ الخَنا تَقذِفونَهُ
مِن الغَورِ مُسدى بالقَوافي وَمُلحِما
بُنيَّ الرِقاع ما لِقَولك يَنتَمي
وَكنتَ أَحقَّ الناسِ أَلّا تَكَلَّما
ففي قوله (ينتمي) هنا لا يعني فقط التبليغ للكلام ولكن أيضاً يقصد به تبليغ الكلام السيء.
إن التراكيب الإيجابية والسلبية في لفظ الانتماء والمفردات التي تلتقي معها في الاشتقاق هو أمر أيقنه الشاعر بدليل استعماله تلك الكلمة في تراكيب تحمل تلك المعاني، وهذا الاستعمال يوضح دقّة كلمة (الانتماء) في تصوير الظاهرة.