اقرأ في هذا المقال
التصريع هو أحد أبرز الأساليب البلاغية التي تضفي على الكلام العربي رونقًا خاصًا وسحرًا فريدًا. إنه فن إبداعي يعتمد على التناغم الموسيقي بين الكلمات، والتكرار الإيقاعي للحروف والأصوات، مما يخلق انطباعًا جماليًا عميقًا لدى السامع. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم التصريع وأنواعه وأهميته في الأدب العربي، مع تقديم أمثلة توضيحية.
مفهوم التصريع
هي ظاهرة عروضية نجدها في البيت الشعري الأول من القصيدة التي تعتمد نظام الشطرين، والمقصود به ما كانت العروض تابعة للضرب وزنًا وزيادةً ونقصًا، تزيد بزيادته وتنقص بنقصه، كما يفيد زيادة النغم على القصيدة.
ملاحظة: “رتب ابن الأثير(637هـ) التصريع من حيث المعنى إلى التصريع الكامل، التصريع الناقص، التصريع المرتبط، التصريع الموجه، التصريع المكرر، التصريع المعلّق، التصريع المشطور”.
ما الفرق بين التصريع والسجع
يعتبر السحع والتصريع من علم البديع، وهما اتفاق أواخر الجمل بالحرف الأخير، فالتصريع خاص بالشعر، أما السجع خاص بالنثر.
ما الفرق بين التصريع والترصيع
يوجد فرق كبير بينهما، فالتصريع هو التناسب الصوتي والتوافق الموسيقي بين التفعيلة الأخيرة في الشطر الأول والتفعيلة الأخيرة في الشطر الثاني مع تطابق الحرف الأخير من الكلمتين، أما الترصيع هو نوع من أنواع البديع تكون فيه الألفاظ مستوية الأوزان متفقة الإعجاز ويعرف بالتناسب الصوتي والتوافق الموسيقي بين مقاطع الكلام وحشو البيت مسجوعًا في الصناعتين.
أمثلة على التصريع في الشعر
- يقول الشاعر: تَرَحَّلَ مِنْ وَادِي الأَرَاكَةِ بِالْوَجْدِ*** فَبَاتَ سَقِيماً لا يُعِيدُ وَلا يُبْدِي سَقِيماً (نلاحظ آخر تفعيلة في الشطر الأول وهي العروض تساوي آخر التفعيلة في الشطر الثاني وهي الضرب).
- يقول الشاعر: نَثَرَ الجوُّ على الأرْضِ بَرَدْ***أيّ دُرٍّ لنحورٍ لو جَمَدْ
(كلمة برد وجمد يوجد بينهما التوافق بالوزن والقافية وعلامة الإعراب).
- يقول الشاعر: ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ** * أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ (كلمة العلم والحرم يوجد بينهما التوافق بالوزن والقافية وعلامة الإعراب).
- يقول الشاعر: اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي ***اذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي.
(كلمة ينسى وأنسى يوجد بينهما التوافق بالوزن والقافية وعلامة الإعراب).
- يقول الشاعر: عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ*** وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ (كلمة العزائم والمكارم يوجد بينهما التوافق بالوزن والقافية وعلامة الإعراب).
- يقول الشاعر: في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسْبابِهِ ** كُلُّ امْرِئٍ رَهْنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ
(تشابهت نهاية الشطرين في القافية واختلفا في الوزن).
- يقول الشاعر: آذَنَتْنا بِبَيْنِها أسْماءُ *** رُبَّ ثاوٍ يملُّ منه الثَّواءُ
(التصريع على البحر الخفيف، فقد جاء ضربه على وزن وعروضه على وزن).
- يقول الشاعر: بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغِيدا ***الباسِماتِ عَنِ اليَتيمِ نَضِيدَا
(التصريع على البحر الكامل ، فقد جاء ضربه على وزن وعروضه على وزن).
التصريع هو فن بلاغي رائع يضيف رونقًا خاصًا إلى اللغة العربية. إنه أداة قوية في يد الشاعر والكاتب، يمكنهما من خلالها خلق أعمال أدبية بديعة ومؤثرة. إن دراسة التصريع وفهم أسراره تفتح لنا آفاقًا جديدة في عالم الجمال والإبداع اللغوي.