الحرب خدعة

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من أن لكل شعب ثقافته الخاصة به، كما أنها ترتبط بمخزونها اللغوي الذي يعبر عن المواقف التي تمر عبر العصور والأزمنة، وقد تطورت لغة وآداب الإنسان من عصر إلى عصر، ومن حديث إلى أحدث، غير أن الأمثال الشعبية والفصيحة بقيت مرتبطة بالإنسان ومستمرة، فنجد الأمثال على إيجازها وخفتها رفيقة الإنسان في المواقف والأحداث المختلفة، تصوّرها وتصفها وصفًا دقيقًا، وهي الأمثال ذاتها التي استخدمها الآباء والأجداد، دون تطور أو تقدم، إنما تُعدّ عند الكثيرين مرآة للحكمة وملاذًا يلجأ إليه المرء عند الحاجة، فإما أن يكون استخدامها للاتعاظ بها، أو لتوجية النصح للآخرين.

متى يقال “الحرب خدعة”؟

إن مقولة: “الحرب خدعة” تُقال عند التحريض على أخذ جانب الحذر في الحرب، والندب إلى خداع الكفار، وأن من لم يُتيقظ لذلك لم يُؤمن أن ينعكس الأمر، وتنقلب الأحداث.

أصل مقولة “الحرب خدعة”:

رُويت هذه المقولة بفتح الخاء أو ضمّها، وقد اختار ثعلب الفتحة، وقال: ذكر لي أنه لغة النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي فعلة من الخدع، يعني أن المحارب إذا خدع من يحاربه مرة واحدة، وانخدع له ظفر به وهزمه، والخدعة بالضم معناها أن يخدع فيها القرن، وروى الكسائي خُدعة، بضم الخاء وفتح الدال، جعله نعتًا للحرب: أي أنها تخدع الرجال، ومثله هُمزة ولمزة ولعنة، للذي يهمز ويلمز ويلعن، وهذا قياس.

قيل إن استخدام مقولة ” الحرب خدعة” قد تُقال في الحروب، في حال الحرب بين المسلمين والأعداء، وهو أمر جائز بالطبع، وفي ذلك اشتهرت قصة نعيم بن مسعود في غزوة الأحزاب، وكذلك قصة محمد بن مسلمة، في قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وقد قال ابن حجر في فتح الباري: إن الأصل في الخداع، وإظهار بعض الأمور دون أخرى، هو دافع لتوخي الحذر من الآخرين، ومن لم يتيقظ على ذلك، فإن الأمر ينعكس عليه بالخسارة، وقد أقر النووي أيضًا بجواز خداع الكفار، والأعداء في الحروب كلما أمكن ذلك، إلى جانب استخدام الرأي في هذا الأمر، وإظهار الشجاعة عند استخدامه، ولهذا كان هذا الحديث، يشير ويقتصر على ما يقصد، مثل مقولة؛ الحج عرفة.

هل يجوز تطبيق مقولة: “الحرب خدعة”؟

لقد اتفق العلماء على أنه يجوز خداع الأعداء في الحرب، إلا أن يكون في الخداع نقض للعهد والأمان فلا يحل، ومعلوم أنه لا عهد بيننا وبينهم، حيث أنهم يحاربون دين الله سبحانه وتعالى، والمسلمون أحرار في اختيار أسلوب القتال المناسب، على أن تحقق الخدعة الهدف المرجوّ منها، وهو النصر بأقل الخسائر وأيسر السبل.


شارك المقالة: