اهتم الجاهليون بالجار وقدموا له كل سبل الراحة مراعين ظروفه التي دفعته لترك بلاده وأهله وقد تناول شعراء ذلك العصر هذه العادات في مقطوعاتِهم التي تميزت بالعديد من السمات المميزة.
السمات الأسلوبية الأساسية في اللغة الشعرية لشعر الجار
1- الإيحاء والدقة في انتقاء المفردات: بذل الأدباء مجهودًا واضحًا في انتقاء اللفظ الذي يعينهم على توضيح فكرتهم ويكون لها أثر في النفس ومثال عليه ما خطه عوف بن عطية عندما استخدم لفظ ممتنع ليوضح مدى الحماية التي يحصل عليها جاره حيث أنشد:
وأمنعُ جاري من المُجحفا
ت والجارُ ممتنع حيث صارا
وأيضًا ما خطه الشنفرى عندما استعمل كلمة قلَّت موضحًا مدى كرم زوجته مع جارتها أيام الحاجة والقحط حيث أنشد:
تَبيتُ بُعَيدَ النَّومِ تُهدي غَبُوقَهَا
لجارتها إذا الهديَّةُ قلَّتِ
2- تتميز المفردات بالجزالةِ واللطف: كانت ألفاظ شعر الجار والجارة تتميز بالسلامة والرقة يرافقها القوة والمتانة ومثال عليها قول حسان بن ثابت عندما سخر من بني زهرة هاجيًا:
لئامُ مساعيها قصارى جدودها
على الخير للجار الغريب محاشد
يظهر في البيت السابق القوة والجزالة وحدة اللفظ، وأما ما يدل على سلاسة اللفظ ورقتها ما خطه الأعشى مادحًا قبيلته:
لا جارهم يشكو ولا ضيفهم
من دونه باب لهم يَصِرفُ
3- الأسلوب: اتسم شعر الجار بسلاسة الأساليب ولا يحتاج المستمع لشيء يوضح له المقصود ومن هذه الأساليب التكرار الذي يفيد في توضيح المعنى وتأكيده ومثال عليه ما ورد عن الخنساء وهي تبكي أخاها:
وللجار يومًا أن دعا لمضيفه
دعا مستغيثًا أو لا بالجوايح
كما لجأ عنترة بن شداد إلى هذا الأسلوب ليأكد على حرمة الجارة حيث أنشد:
وأغض طرفي ما بدت جارتي
حتى يُواري جارتي مأواها
4- التشكيل في أساليب الخبر والإنشاء: لم ينهج شعر الجار على نمط واحد إنما سار على أساليب متنوعة شملت الأساليب الخبرية متباينة وأيضًا أساليب إنشائية متعددة، ومثال على هذا التشكيل ما خطه عروة بن الورد منشدًا:
فإن حميتنا أبدا حرام
لجار البيت منزلنا حميت
