تم التعرف في الشعر في الجاهلية على أنماط معينة من الشعر التي تتبع القافية وفيها نغمه وموسيقى، ويقوم فيه الشاعر بغناء الشعر ويصاحب وجود عدة آلات موسيقية.
الشعر الغنائي في الشعر الجاهلي
ظهرت معالم الغناء والموسيقى بشكل واضح في الشعر الجاهلي، ومن الأمور الدالة على ذلك وجود القافية التي تتماشى مع ضرب الدفوف والإيقاع للراقصين على الأشعار، ونجد ذلك في مطلع القصائد مثل قصيدة امرؤ القيس:
“قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا
وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كَأَنِّيْ غَدَاة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ”
ثم بعد ذلك نراه يذهب من قطعة إلى أخرى في إنشادها وغنائها فيقول:
“أفاطمُ مهلًا بعض هذا التدللِ
وإن كنتِ قد أزمعت صَرْمي فأجْمِلِي”
أما لبيد بن ربيعة في مقطوعته الموسيقية التي تتبنى القافية فيقول:
“عَفَتِ الدِّيارُ محلُّها فمُقامُها
بمنىً تأبدَ غَولُهَا فَرِجَامُهَا
فمدافعُ الرَّيَّان عُرِّيَ رسْمُهَا
خَلقًا كما ضمن الوُحِيَّ سِلامها
وجَلا السيُولُ عن الطلول كأنها
زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَها أقلامُها
دِمَنٌ تجرَّمَ بعد عهد أنيسها
حِجَجٌ خَلَوْنَ حلالها وحرامُها
رُزِقَت مَرابيعَ النُجومِ وَصابَها”
ولقد كانت هند بنت عتبة كانت تستخدم الموسيقى في شعرها وخاصة نواحها على وهذا النواح مقترن بنوع الشعر القصير الموسيقي، فتقول:
“طاف يبغي نجوةً … من هلاك فهلكْ
ليت شعري ضَلَّةً … أيّ شيء قَتَلَكْ
أمريضٌ لم تعد … أم عدوّ خَتَلَكْ”
وشعر الغزل هو من المواضيع في الشعر في الجاهلية والقريبة إلى الغناء والرقص، ومن الأمثلة عليه مقطوعة المنخَّل اليشكري، إذ قال:
“ولقد دخلت على الفتا ة الخدر في اليوم المطير
الكاعب الحسناء تَرْفل في الدِّمَقْسِ وفي الحرير”