قصة العادل والأقفال الذهبية

اقرأ في هذا المقال



العادل والأقفال الذهبية (The Fair One With The Golden Locks) هو عنوان نادر ويستند إلى قصة خرافية أقل شهرة من للكاتبة مدام ألونوي (Madame d’Aulnoy.)

الشخصيات:

  • الأميرة.
  • الملك.
  • تشارمينغ.

قصة العادل والأقفال الذهبية:

كانت هناك أميرة ذات يوم جميلة جدًا لدرجة أنه لا يمكن لأحد رؤيتها دون أن يحبها، كان شعرها يتساقط حول كتفيها في شكل كتل تلوح، ولأنه كان لونه كالذهب، فقد أطلق عليها اسم جمال الشعر الذهبي وكانت دائماً ترتدي تاجاً من الزهور، وكانت ثيابها مطرزة باللآلئ والألماس.
وصلت شهرة جمالها إلى ملك شاب عقد العزم على الزواج منها رغم أنه لم يرها قط حيث أرسل سفيراً ليطلب يدها للزواج، وكان واثقًا جدًا من أن الأميرة ستعود معه وقام بكل استعدادات لاستقبالها، وحين وصل السفير إلى قصر الأميرة ومعه مائة خيل وكثير من الخدم باحتفال كبير قدم هدايا الملك من اللؤلؤ والماس مع رسالته.
ومع ذلك، لم ترض الأميرة بطلب الملك، وأعادت هداياه برفض مهذب، وعندما عاد السفير من دون الأميرة، لامه الجميع على فشله، وكانت خيبة أمل الملك كبيرة لدرجة أنه لم يستطع أحد التخفيف عنه ومواساته، وكان في بلاط الملك شابًا وسيمًا وذكيًا كان يُدعى تشارمينغ، كان محبوباً من الجميع ما عدا بعض الذين كانوا يغارون لأنه كان المفضل لدى الملك.
ذات يوم تحدث تشارمينغ أمام البعض أنه لو كان هو الذي ذهب لطلب الأميرة لكانت قد عادت معه، وعندما سمع أعدائه هذا الكلام ذهبواعلى الفور إلى الملك واستخدموا هذه الملاحظة للتأثير عليه وجعله ينقلب ضد تشارمينغ، ثمّ أخبروا الملك أنّ تشارمينغ يعتقد أنه وسيم للغاية لدرجة أن الأميرة لن تكون قادرة على مقاومته، رغم أنها رفضت ملكه.
أساءت هذه الكلمات المفاخرة إلى الملك لدرجة أنه أمر بأن يُحبس تشارمينغ في البرج، حيث لم يكن لديه سوى القش للاستلقاء عليه والخبز والماء ليأكل، عانى تشارمينغ لبعض الوقت في هذه الحالة البائسة دون أن يعرف سبب سجنه، وذات يوم مر الملك بالبرج وسمعه يهتف: أنا أكثر رعايا الملك إخلاصاً، كيف تسببت في عدم رضاه؟ وعلى الرغم من احتجاجات أعداء تشارمينغ، إلا أنّ الملك أمر بفتح باب البرج وأخرج تشارمينغ.
ركع تشارمينغ رجله المفضل القديم حزينًا وقبل يده قائلاً: سيدي، هل تخبرني كيف أسأت لك؟ فأخبره الملك عن الكلام الذي كرره أعداؤه، فقال تشارمينغ: صحيح يا سيدي، لقد قلت إنني لو تم إرسالي لحل قضيتك، لما فشلت أبداً وكنت سأستخدم بلاغتي في الحديث، عندها يمكن للأميرة رؤيتك كما يصورك لساني، فلن أعود بدونها، بعد هذا رأى الملك على الفور أنه قد خدع، وأعاد تشارمينغ إلى القصر وحرره من سجنه.
أثناء العشاء في تلك الليلة، أخبره أنه كان يحب الفتاة ذات الشعر الذهبي بقدر كبير بحيث لم يستطع الاقتناع بإجابتها، ثمّ سأل الملك: هل تعتقد أنه يمكن إقناعها بتغيير رأيها؟ رد تشارمينغ بأنه في خدمة الملك وعلى استعداد لتولي مهمة الذهاب والحصول على الأميرة من أجله، كان الملك مسرورًا وقدم له مجموعة رائعة من الحرس، لكنه طلب فقط حصانًا جيدًا.


انطلق تشارمينغ في وقت مبكر من اليوم التالي، بقلب حازم ورسالة من الملك إلى الأميرة وبعدما قطع مسافة كبيرة، ترجل وجلس تحت شجرة نمت بجانب نهر، ثمّ أخذ من جيبه كتابًا صغيرًا، ودوّن فيه بعض الأفكار السعيدة التي قصد استخدامها في مناشدته للأميرة، وليس بعيدًا عن المكان الذي جلس فيه، كانت هناك سمكة ذهبية تخرج من الماء ولكنها فجأة سقطت على العشب عند أقدام تشارمينغ، وكانت تلهث بلا حول ولا قوة، وكانت ستموت لو لم يشفق عليها ويلقي بها في النهر.
لقد غرقت بعيدًا عن الأنظار للحظات، لكنها عادت إلى السطح لتقول: شكرًا لك أيتها الأيدي الساحرة على إنقاذ حياتي، في يوم من الأيام قد أكافئك، كان تشارمينغ مندهشًا للغاية من هذا القدر من الأدب من السمكة وبعد أيام قليلة، بينما كان يركب في طريقه، رأى غرابًا يطارده نسر، وفي لحظة كان النسر قد تجاوز الغراب، ثمّ وجه تشارمينغ سهمه في الوقت المناسب وقتل النسر المطارد.
كان الغراب جالسًا على شجرة بالقرب منه واظهر على الفور امتنانه، وقال: لقد أنقذتني من مصير مروع، في يوم من الأيام سأرد لك الجميل، وبعد يوم أو يومين في الغسق من الصباح الباكر، سمع صرخات بومة مؤلمة وأثناء البحث عنها ، وجدها عالقة في شبكة صائدي الطيور، ثمّ قال: لماذا يضطهد الناس ويعذبون المخلوقات غير المؤذية! فرفرفت البومة فوق رأسه قائلة: لقد أنقذتني من الصيادين، الذين كانوا سيقتلونني أنا لست جاحدًة، وسأرد لك الجميل يومًا ما! بعد ذلك طارت بسرعة بعيدا.
أخيرًا وصل إلى قصر الأميرة، وعندما طلب الدخول، كانت الأميرة قد أسعدها اسمه لدرجة أنها استقبلته على الفور، ثمّ دخل في حضرة الأميرة التي جلست على عرش من الذهب والعاج، وكان شعرها الذهبي محصور بتاج من الزهور حيث ملأت الموسيقى الهادئة والعطور الأجواء، وكان تشارمينغ مرعوبًا جدًا من كل هذا الروعة لدرجة أنه لم يستطع التحدث في البداية، وبعد أن استعاد عافيته في لحظة، أخبرها عن مهمته وذكر الصفات الحسنة للملك في عبارات متوهجة التي استمعت إليها الأميرة.
فأجابته الأميرة: لقد تحدثت ببلاغة لدرجة أنني آسف على رفض طلبك، لكنني عاهدت على عدم الزواج حتى يعيد السفير لي الخاتم الذي فقدته في النهر قبل شهر، لقد كنت أحبه أكثر من كل جواهر الأخرى، ولا شيء سوى استعادته يمكن أن يقنعني بطلبك، لم يستطع تشارمينغ أن يتحدث أكثر لكنه قدم وشاحًا مطرزًا وكلبه الصغير كرموز للإخلاص.
رفضت الأميرة هديته وأعادت له كلبه ووشاحه، وكانت خيبة أمله كبيرة لدرجة أنه لم يستطع النوم، وفي الصباح كان هو وكلبه يسيران على ضفة النهر عندما ركض الكلب إلى حافة المياه، وهو ينبح بشدة وعندما اقترب ورأى أن حماسة الكلب كانت بسبب السمكة الذهبية التي جائت تسبح بسرعة نحوهم حيث كان في فمها خاتم جميل ووضعته في يد تشارمينغ.
قالت السمكة: لقد أنقذت حياتي من قبل وأنا الآن أكافئك بإعطائك خاتم الأميرة، ولم يضيع الشاب وقتًا في تقديمه للأميرة والمطالبة بتنفيذ طلبه، وعندما فاجئها بالخاتم سألت الأميرة: ما هي الجنية التي تساعدك؟ فلم يجبها تشارمينغ سوى بأنّه فقط يتمنى خدمتها، فقالت الأميرة: واحسرتاه! لا أستطيع الزواج حتى يموت العملاق جاليفرون، لأنني لن اصطحبه معي لزوجي، فإنه يقتل شعبي ويسرق أرضي.
فقال تشارمينغ بشجاعة: يا أميرة، سأعيد رأس العملاق إليك أو أموت في الدفاع عنك، وامتطى حصانه وانطلق برفقة كلبه الصغير وسافر مباشرة إلى قلعة العملاق حيث تناثرت عظام ضحايا جاليفرون داخل القلعة وكان العملاق يغني بصوت رهيب: الأطفال الصغار أحب تناولهم كطعام، عظامهم طرية ولحمهم حلو، فنادى تشارمينغ بصوت عالٍ: لا تكن متفاخرًا جدًا، جاليفرون، أنا هنا لمحاربتك.
فظهر العملاق عند الباب وفي يده عصا كبيرة، وعندما رأى تشارمينغ ينتظره بلا خوف، جاء نحوه في غضب رهيب، ولكن قبل أن يتمكن من استخدام عصاه ظهر غراب على رأسه ونقر على عينيه، حتى أنه ألقى سلاحه وكان تحت رحمة تشارمينغ، وبعد ما قتل الفارس الشجاع العملاق، انحنى الغراب من شجرة قريبة وقال: لقد أنقذتني من النسر وأنا بدوري أنقذتك من العملاق.
قطع تشارمينغ رأس العملاق وحمله معه إلى الأميرة، ثم صرخ الناس ورحبوا به كبطل عظيم، فقال تشارمينغ للأميرة: لقد مات عدوك، أتجعلين الآن سيدي أسعد الملوك؟ أجابت الأميرة المترددة: هناك بعض الماء الذي يعطي الصحة والجمال الأبدي لمن يشربه، وأنا أندم على ترك مملكتي دون أن أمتلك بعضًا منها، ولكن لم يجرؤ أحد على مواجهة التنينين اللذين يحرسان الكهف حيث توجد النافورة.
أجاب تشارمينغ بشجاعة: لست بحاجة إلى الماء ، يا أميرة، ولكن حياتي لك وانطلق في الحال في مهمة محفوفة بالمخاطر، وعندما وصل إلى فم الكهف، انبعث دخان أسود وقد أدرك الشكل الرهيب للتنين الذي كانت نيرانه تنطلق من فمه وعينيه، ثمّ أمسك بسيفه في يد والقارورة الكريستالية التي أعطته إياه الأميرة باليد الأخرى، عندها فقط سمع اسمه ينادي مرتين، ونظر إلى الوراء فرأى بومة تطير نحوه.
قالت البومة: يمكنني أن أدخل الكهف القاتم دون خطر، أعطني القارورة وسأقوم بسداد الدين الذي أدين لك به لأنك أنقذتني من الشبكة، فسلم تشارمينغ القارورة بكل سرور إلى البومة التي أعادتها إليه في وقت قصير مليئة بالماء الثمين، وبعد عودته وافقت الأميرة هذه المرة على الزواج من الملك، وبعد العديد من التجهيزات سافرت هي وتشارمينغ لمملكته.
كانت الرحلة مسلية للغاية للأميرة لدرجة أنها قالت ذات يوم له: لماذا لم أجعلك ملكا، وأبقى في بلدي؟ فأجاب تشارمينغ أنه لا بد تنفيذ واجبه تجاه ملكه، حتى تكون سعادته كبيرة، وعند وصولهم استقبلهم الملك، حاملاً هدايا من المجوهرات الغنية وتم الاحتفال بالزواج، لكن حظ تشارمينغ السعيد لم يستمر طويلاً، لأن أعدائه الحسودين أشاروا للملك أن الأميرة لم تكن سعيدة إلا إذا كان تشارمينغ قريبًا منها لوضع الشك في قلب الملك تجاه زوجته.
تم وضع الفارس مرة أخرى في السجن، حيث تم تقييده بقسوة بالسلاسل وكان يعيش على الخبز والماء، وعندما علمت غولديلوكس ذلك، بكت وناشدت الملك أن يطلق سراحه، و قالت له: لولاه لم أكن لأكون هنا، ولقد أدى كل المهام التي طلبتها منه، حتى تلك المتعلقة بإحضار الماء لي حتى لا أتقدم في العمر؟
لقد جعل حزن الأميرة عليه الملك أكثر غيرة ، لكنه صمم على الاستفادة من هذه المياه الرائعة التي أخبرته عنها،في تلك الأثناء كانت إحدى خادمات الأميرة كسرت القارورة الكريستالية وسكبت كل الماء منها ولم تتجرأ على الاعتراف، بل وضعت ماء آخر في قارورة تشبه الأولى تمامًا في المظهر ووضعت داخلها سم قاتل، وعندما غسل الملك وجهه منها، سقط في نوم لم يستيقظ منه قط.
كان هناك ارتباك كبير في القصر عندما وجد الملك ميتا حيث ركض الكلب على الفور إلى تشارمينغ وأخبره بالخبر ثمّ ظهرت الأميرة أيضًا وفتحت سلاسل تشارمينغ، وأطلقت سراحه، ثمّ قالت: ستكون زوجي، وسأجعلك ملكًا، وأخبرته بموت الملك الذي كان ناكراً للجميل دائمًا معه، ثمّ تزوجا بعد ذلك بوقت قصير، وحكموا معًا لسنوات عديدة سعيدة.


شارك المقالة: