اقرأ في هذا المقال
حتى الآن تتوافق ادعاءات ميل المختلفة حول الواجب إلى حد كبير مع النفعية المباشرة وبالتالي تصرف النفعية، ومع ذلك يقدم الفصل الخامس من المذهب النفعي ادعاءات حول الواجب والعدالة والحقوق التي يصعب التوفيق بينها وبين أي منهما.
العقوبة والفلسفة النفعية:
الحقيقة هي أنّ فكرة العقوبة الجنائية التي هي جوهر القانون لا تدخل فقط في مفهوم الظلم بل تدخل أيضًا في مفهوم أي نوع من الخطأ، ونحن لا نسمي أي خطأ إلّا إذا قصدنا الإشارة إلى وجوب معاقبة الشخص بطريقة أو بأخرى لارتكابه ذلك، إن لم يكن بموجب القانون، فمن خلال رأي زملائه المخلوقات، وإن لم يكن بالرأي فيكون بتوبيخ ضميره، ويبدو أنّ هذا هو نقطة التحول الحقيقية في التمييز بين الأخلاق والنفعية البسيطة.
وهنا يعرّف ميل الخطأ وضمنيًا الواجب، وليس بشكل مباشر من حيث طبيعة الفعل أو عواقبه ولكن بشكل غير مباشر من حيث الاستجابات المناسبة له، ويبدو أنّه يعتقد أنّ على المرء التزامًا أو واجبًا لفعل شيء ما فقط في حالة عدم قيامه بفعله خطأ وأنّ الفعل خاطئ فقط في حالة نوع من العقوبة الخارجية أو الداخلية العقاب أو اللومالاجتماعي أو اللوم الذاتي ويجب أن تطبق على أدائها، ويميز هذا الاختبار الواجب عن النفعية، وليست كل الأفعال دون المثالية أو غير الفعالة خاطئة، فقط تلك التي يجب على المرء أن يطبق عليها نوعًا من العقوبة على الأقل لوم الذات.
مفهوم العدالة والواجب وعلاقته بمفهوم العقوبة في المذهب النفعي:
إنّ العدل جزء مناسب من الواجب، ويتضمن العدل واجبات وهي واجبات كاملة أي واجبات مرتبطة بالحقوق ويكون الفعل عادلاً إذا وفقط إذا لم يكن غير عادل، ويكون غير عادل في حالة كونه خاطئًا وينتهك حقوق شخص ما، وشخص ما لديه الحق فقط في حال كان لديه ادعاء بأنّ المجتمع يجب أن يحمي بقوة القانون أو الرأي العام.
ولاحظ أنّ هذه العلاقات بين الواجب والعدالة والحقوق لم تقدم بعد أي عناصر نفعية، ولكن ميل يعتقد أنّ ما إذا كان يجب تطبيق العقوبات على فعل ما ومن ثم ما إذا كان خاطئًا وما إذا كان يتعين على المجتمع فرض مطالبة الفرد وبالتالي ما إذا كان لها حق حيث يعتمد كلاهما على المنفعة أو الملاءمة للقيام بذلك، وإنّه لا يقول بالضبط ما هو معيار النفعية الذي يفكر فيه، وعلى وجه الخصوص لا يقول ما إذا كان الاختبار المناسب لمعرفة ما إذا كان هناك خطأ ما يتطلب أن تكون العقوبات هي الأمثل أو مجرد مفيدة، ولإصلاح الأفكار دعنا نفترض أنّ الإجراء خاطئ إذا وفقط إذا كان هو الأمثل لمعاقبته.
ولأنّ هذا الحساب للواجب يحدد صواب وخطأ الفعل، وليس من حيث فائدته كما تفعل نفعية الفعل، ولكن من حيث فائدة تطبيق العقوبات على السلوك فهو شكل غير مباشر من النفعية، ولأنّ العدالة نوع من الواجب فهي ترث هذه الشخصية غير المباشرة.
ونظرًا لأنّه يجعل الحالة الواجبة للسلوك تعتمد على فائدة معاقبة هذا السلوك بطريقة ما، فقد نطلق على هذا المفهوم للواجب والعدالة والحقوق المصادقة على النفعية، ولأنّ نفعية العقوبة هي نوع من النفعية غير المباشرة فهي لا تتفق مع مذهب النفعية، وإنّ إدخال الأفكار النفعية غير المباشرة في الفصل الخامس من المذهب النفعي في حساب النفعية التي تبدو بخلاف ذلك نفعية الفعل يكشف عن توتر أساسي في فكر ميل حول الواجب.