الشعر الجاهلي ما هو إلا نتاج أحداث وعوامل كان لها الأثر في تحديد هوية الأديب فكان ابن البيئة له صفاته التي تميزه واكتسبها من الحياة التي يعيشها وكان للرياح دور واضح في سماته.
الريح وكرم الإنسان في الشعر الجاهلي
1- كان الأديب الجاهلي يتباهى بصفة الكرم التي تظهر كثيرًا في أيام الجفاف فصور الشعراء الكرماء بأنهم يسابقون الرياح في سرعتِهم لإكرام الضيف، وكما استعانوا بذلك من أجل الثناء على ممدُوحيهِم ومثال على هذا ما نظمه أمية بن أبي الصلت في مدح عبد الله بن جدعان:
تباري الريح مكرمة ومجدًا
إذا ما الكلب أجحره الشتاء
2- ربط بعض الأدباء القدامى الكرم بأوقات معينة ويكون ذلك في أيام البرد حين تهب رياح الصبا التي تنذر بالجفاف والقحط وتشح الألبان والطعام وعن هذا نظم عبيد عبد العزى السلامي:
ومن مطعم يوم الصبا غير جامد
إذا شصَّ عن ابنائهن المراضع
3- استعان الشاعر الجاهلي بصور الرياح ودلالتها على الكرم وخاصة وقت المحل والغبار من أجل رثاء من أحبوا والتباهي بكرمهم ومن هذا أبيات بشر بن أبي خازم الأسدي:
كُنتَ غَيثاً لَهُنَّ في السَنَةِ الشَهـ
ـباءِ ذاتِ الغُبارِ وَالإِمحالِ
المُهينُ الكومَ الجِلادَ إِذا ما
هَبَّتِ الريحُ كُلَّ يَومِ شَمالِ
4- توجهت الخنساء إلى وصف الريح النكباء التي تنذر بالهلاك من خلال السحب التي ترافقها ولا تحمل الأمطار ومن خلال هذا تطرقت إلى ذكر جود أخيها في هذه الأيام ومما قالته:
وَالمُشبِعُ القَومِ إِن هَبَّت مُصَرصَرَةٌ
نَكباءُ مُغبَرَّةٌ هَبَّت بِصُرّادِ
5- ارتبطت الرياح كذلك بالشجاعة والإقدام خاصة وقت الحرب وصور الشعراء شدة هذه المعارك برياح السموم دلالة على التنكيل وشدة القتل فيها ومن الأبيات التي نظمت في هذا ما خطه تأبط شرًا:
كمعمعةِ الحريقةِ في أباءٍ
تشبُّ ضرامَها ريحٌ سمومُ