صور الأديب الجاهلي النباتات المتوفرة في بيئته الصحراوية وعَمِد إلى توظيف الريح فهذه المشاهد ولكن بشكل محدود مقارنة مع وصف الحيوان ويرجع ذلك إلى قلة النبات في الصحراء.
الريح والنبات في أغراض الشعر الجاهلي
1- الحكمة: رأى شعراء الجاهلية الآثار التي خلفتها رياح الصبا بأوراق الأشجار التي أسقطتها عن الأغصان وأنزَّلتها بعد ارتفاعها للأرض وتحويلها من الخضار إلى الجفاف، وقاموا بتشبِيهها بحياة الإنسان التي ستنتهي مثل انتهاء هذه الأوراق وسينتقل للقبر الذي ستُخفي معالمه الريح بفعل التراب الذي ستلقيه فوقه وعن هذه الصورة نظم عدي بن زيد:
ثمّ بعد الفلاح والملك والإ
مّة وارتهم هناك القبور
ثمّ أضحوا كأنّهم ورق ج
فّ فألوت به الصّبا والدّبور
2- الغزل: تغزل الشاعر بمشية محبوبته واهتزاز ثيابها بفعل الرياح مشبهًا إياها بأغصان الأشجار المتمايلة جراء الريح دون انكسار وعن هذا المشهد نظم حميد بن ثور الهلالي:
وجاءت يهز الميسَنانيَّ مشيُها
كهز الصبا غصن الكثيب المرهَّما
وفي أبيات عنترة بن شداد يشبه لنا خصر محبوبته بغصنِ البان الذي تمايل بفعل ريح الصبا ويميل معه قلبه وهذا ينشد:
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت
أعْطَافَه ُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ
كما تغنى الشعراء بالرائحة العطرة التي تحملها لهم الريح من النباتات وتذكرهم بالمحبوبة وعن هذا ينشد الكميت بن معروف الفقعسي:
لقد طرقتنا أمُّ بكرٍ ودوننا
قراحٌ ومغدى للقلاص الضّوابع
بريح خُزامى طلّةٍ نفحت بها
من الليل هباتُ الرياح الزعازع
3- الفخر والحماسة: يتباهى الشعراء بقوتهم وبأس قبيلتِهم في الحروب حيث يشبه سيوفهم التي تحصد القتلى بالرياح التي تلتهم الأعشاب اليابسة التي أشعل بها النار وعن هذا يتحدث سلامة بن جندل:
كَأَنَّ اِختِلاءَ المَشرَفيِّ رُؤوسَهُم
هَويُّ جَنوبٍ في يَبيسٍ مُحَرَّقِ
لَدُن غُدوَةً حَتّى أَتى اللَيلُ دونَهُم
وَلَم يَنجُ إِلّا كُلُّ جَرداءَ خَيفَقِ