الفلسفة الشرقية البوذية

اقرأ في هذا المقال



في الفترة ما بين 563 -483 قبل الميلاد، ظهر متدين هندوسي شمال الهند اسمه الراهب جوتاما سدارتا، ولقّب ببوذا والتي تعني الحكمة أو المستنير أو المتيقظ، وكان أميراً فقد ولد ابناً لحاكم إقطاعي في نيبال، وتقوم مبدأ البوذية على بذل الجهد للوصول مراتب عليا من السلام الروحي والتحرر ، كما تحلل جذور المعاناة الإنسانية وماهية الهوية الشخصية وطرق كسب المعرفة العالمية.

تعاليم الفسفة البوذية:

اهتمت الفلسفة البوذية بشكل رئيسي بتفسير الدارما، وهو مصطلح يعني الحقيقة، والذي آمنت به البوذية كما آمنت ببوذا كمعلم للحكمة، وكانت الفكرة المتكررة هي تجسيد المفهوم بطريقة مادية، والعودة إلى المسار الأوسط للبوذية، فابتعدت الفلسفة البوذية في البداية عن الاختلاف بشأن قضايا وعلوم الميتافيزيقيا، وعلوم الظواهر والأخلاق ونظرية المعرفة، بل اعتمدت على جميع الأدلة التجريبية التي يحصل عليها الإنسان بالحواس عن طريق أعضاء الحواس.

وبالرغم من ذلك ناقش العلماء البوذيون علوم الميتافيزقية والعلوم الوجودية في المستقبل، فوجدت بعض النقاط المثيرة للجدل في الفلسفة البوذية بين العديد من مدارسها، فأدت هذه الصراعات والجدال إلى نشوء العديد من المدارس البوذية المبكرة مثل مذهب أبهيداهما Abhidhamma، وممارسات ماهايانا البوذية، وبراجناباراميتا Prajnaparamita وMoyama Shanka، بالإضافة إلى طبيعة اليوغا – ويوجاكارا – وBodhisattva.

مفهوم الطريق الأوسط للبوذية:

هي تعاليم بوذا، والذي أراده من هذا المصطلح الإشارة إلى العقائد التي تعتبر طريقاً وسطياً بين الزهد ونكران الجسد وبين المتعة الجنسية والانغماس، وبرغم من أنّ كثيراً من تعاليم ونصائح التي وردت من بوذا على تحرير الجسم والعقل بممارسة الصيام والحرمان من الطعام وغيرها من الأساليب والممارسات، إلا أن بوذا نفسه أدرك أيضًا أن العقل هو تجسد ويعتمد على جسم الإنسان سببيًا، لذلك فإن الجسم الذي يعاني من سوء التغذية لا يستطيع تدريب العقل وتنميته، ولذا فإن الفلسفة البوذية جاءت وتمحورت حول تكيّف الإنسان مع ظروفه، بدلاً من الترويج للرفاهية أو الفقر.

الحقائق الأربعة النبيلة للفلسفة البوذية:

  1. حقيقة الألم وما هو: فالميلاد والموت ألم، والمرض ألم، والشيخوخة ألم.
  2. سبب الألم: اكتشف بوذا أن سبب الألم هو الرغبة في احتضان الحواس، وتعلق الإنسان بالحياة وخوفه من الموت، وحب التمتع بالحسيات.
  3. طرق إنهاء الألم: وذلك بتحرير الفرد من الرغبات التي تستعبده.
  4. طريق أو المسار للحقائق الثلاثة للتخلص من الألم: وذلك باتباع نهج يتضمن ثماني شعب وهي:
  • الآراء السليمة.
  • القصد السليم.
  • الكلام السليم.
  • العمل السليم.
  • الحياة السليمة.
  • المجهود السليم.
  • التعقل السليم.
  • التركيز السليم.

يرى المذهي البوذي بأنّ تمرين الإنسان على هذه الحقائق الأربعة توصله في النهاية إلى ما يسمى بالنرفانا أو الراحة النفسية.

مفاهيم الفلسفة البوذية وربطها بالأخلاق:

الكارما -الواجبات:

هو قانون اتخذته البوذية كما الهندوسية وغيرها من المذاهب، يقوم على أفعال وأعمال الفرد سواء كان عمله خيراً أو شراً، فيلحق عمله بالجزاء أو العقاب التي تعد ثمار عمله بما أنه قام به عن وعي وإدراك مسبوق.

سامسارا:

وهي تشير إلى حياة الإنسان وطريق المعاناة والرغبة والموت.

نيرفانا -الكمال:


يسعى البوذيون للوصول إلى هذه الحالة، والتي تعبر عن حكمة الفرد وسعادته من خلال التحرر من الرغبة والخطيئة، وإظهار اللطف والتأمل والتركيز الذي يساعده إلى الوصول للحكمة المنشودة وبالتالي السعادة، والتخلص من ألم الطمع والخوف والغضب، وبالتالي التعبير عن الروح الكمال والسلام التام للفرد.

دانا -العطاء:

وهي تتمثل بالممارسات الخيّرة التي يقوم بها الفرد تجاه المجتاجين والمساكين وذلك بالتبرع وبمساعدة الآخرين بتزويدهم بالغذاء والأدوية والثياب وغيرها من الإحتياجات.

سيلا -السلوك الحكيم:

ويقوم هذا المفهوم لدى المذهب البوذي بالابتعاد وتجنب الأعمال السيئة مثل السرقة والقتل والزنا والكذب وعقوق الوالدين ولعب القمار وتناول المسكرات ورفقاء السوء وشهادة الزور، وغيرها من الأعمال التي تودي بالفرد إلى حمل الخطايا والذنوب، فتساعد وتوصل الفرد بتجنبه لهذه الأعمال السيئة للوصول إلى الكمال والراحة النفسية، بالإضافة إلى أنها تدعو إلى الزهد والاقتصاد في الحياة والملابس والزينة والمأكولات، وهذا ينطبق على التسلسل الهرمي والنظام، وبعضها لجميع الناس، والبعض الآخر للتلاميذ، والبعض الآخر للرهبان المخلصون (سانغا).

التأمل -بهافانا أو ميتا:

إنها حركات ورياضه نفسية وروحية تهدئ الفرد الذي يمارسها فيتبع الطريق الذي يوصله إلى العدالة والحكمة، وقد تكون هذه الفلسفة وتطبيقها أكثر التطبيقات المعروفة على نطاق واسع خارج البوذية، حتى أنها مقبولة في بعض الأحيان في المؤسسات التي تبدو مستقلة عن البوذية، ففي المذهب الهندوسي تسمى فيه اليوغا، وهي رياضة شائعة على نطاق واسع في جميع المناطق في أنحاء العالم.


شارك المقالة: