اقرأ في هذا المقال
- الوضعية المنطقية ودائرة فيينا
- أسس الوضعية المنطقية
- إيجابية وسلبية مبدأ التحقق من الحقيقة لدى الوضعيون المنطقيون
- علم الرياضيات والأخلاق لدى الوضعيون المنطقيون
كانت Tractatus لفيتجنشتاين علامة بارزة في تاريخ الفلسفة التحليلية المعاصرة وربما أكثر الأمثلة تميل عنها، فلم يقتصر الأمر على احتوائه على ميتافيزيقيا شديدة التعقيد فحسب بل كان له أيضًا تأثير مهم على المدرسة الأكثر معاداة للميتافيزيقية في الفلسفة التحليلية أي الوضعية المنطقية.
الوضعية المنطقية ودائرة فيينا:
تم تطوير المذاهب المركزية لهذه المدرسة من قبل مجموعة من الفلاسفة والعلماء والمنطقين المتمركزين في فيينا والذين عُرفوا باسم دائرة فيينا، ومن بين أعضاء هذه المجموعة كان رودولف كارناب (1891–1970) وموريتز شليك (1882–1936) التأثير الأكبر على الفلسفة الأنجلو أمريكية.
على الرغم من أنّه كان الفيلسوف الإنجليزي A.J. Ayer أ. آير (1910-1989) الذي قدم أفكار الوضعية المنطقية إلى الفلسفة الإنجليزية في عمله المقروء على نطاق واسع “اللغة والحقيقة والمنطق” في عام (1936)، ولقد أصابت مبادئها الرئيسية أوتارًا متعاطفة بين العديد من الفلاسفة التحليليين ولا تزال مهمة حتى اليوم ، حتى وإن كانت في بعض الأحيان تنكرًا.
أسس الوضعية المنطقية:
قبل كل شيء كانت الوضعية المنطقية معادية للميتافيزيقية لا يمكن تعلم أي شيء عن العالم، إلّا من خلال أساليب العلوم التجريبية، حيث سعى الوضعيون إلى طريقة من شأنها:
- تحديد ما إذا كانت النظرية التي تبدو أنّها تدور حول العالم ميتافيزيقية حقًا.
- تُظهر أن مثل هذه النظرية الميتافيزيقية في الواقع لا معنى لها.
إيجابية وسلبية مبدأ التحقق من الحقيقة لدى الوضعيون المنطقيون:
وهذا وجدوا في مبدأ التحقق في شكله الإيجابي، حيث يقول المبدأ أنّ معنى أي بيان يتعلق حقًا بالعالم يتم الحصول عليه من خلال الأساليب المستخدمة للتحقق من حقيقته أو زيفه أي الطرق الوحيدة المسموح بها هي في النهاية تلك الخاصة بالمراقبة والتجربة.
أمّا في شكله السلبي ينص المبدأ على أنّه لا يمكن لأي بيان أن يدور حول العالم ما لم تكن هناك طريقة ما للتحقق منه، وكان الشكل السلبي هو السلاح المستخدم ضد الميتافيزيقيا وكإثبات للعلم باعتباره المصدر الوحيد الممكن للمعرفة حول العالم، ومن ثم فإن المبدأ يصنف على أنّه لا معنى له العديد من النظريات الفلسفية والدينية التي تدعي قول شيء ما عن العالم ولكنها لا توفر أي طريقة لإختبار حقيقة البيانات التي تتكون منها النظرية.
اصطدم مبدأ التحقق على الفور بصعوبات مما أثار معظمها الوضعيون أنفسهم لأول مرة، وفي محاولة حل هذه الصعوبات تنتمي إلى دراسة أكثر تفصيلا للحركة، بحيث يكفي أن نلاحظ هنا أنّه نتيجة لهذه المشاكل كان معظم الفلاسفة التحليليين اللاحقين حذرين من الاحتكام إلى المبدأ مباشرة، ومع ذلك فقد أثرت على العمل الفلسفي بطرق أكثر دقة.
علم الرياضيات والأخلاق لدى الوضعيون المنطقيون:
مع وجود مبدأ التحقق في متناول اليد اعتقد الوضعيون أنّهم يمكن أن يظهروا عددًا كبيرًا من النظريات على أنّها هراء، وكانت هناك العديد من مجالات الخطاب التي فشلت في اختبار المبدأ ولكن مع ذلك كان من المستحيل استبعادها بهذه الطريقة، وكان على رأسها تخصصات الرياضيات والأخلاق.
علم المنطق -الرياضيات-:
حيث يصعب شطب الرياضيات (والمنطق) على أنّها هراء، ومع ذلك فإنّ النظريات الرياضية لا يمكن التحقق منها بالمراقبة والتجربة، وإنّهم معروفون في الواقع من خلال التفكير المسبق البحت فقط.
يبدو أنّ الإجابة على هذه المشكلة قد تم تقديمها في كتاب فيتجنشتاين Tractatus، والذي أكد أنّ افتراضات الرياضيات والمنطق هي من منظور كانط تحليلية، على سبيل المثال مثل عبارة “جميع العزاب غير متزوجين”، فهي صحيحة ليس لأنّهم يصفون العالم بشكل صحيح ولكن لأنّهم متسقون أو يتبعون منطقيًا الأعراف التي يقوم عليها استخدام الرموز المعنية.
علم الأخلاق:
أما حول الأخلاق أو بشكل أكثر دقة عن أي بيان يعبر عن حكم على القيمة فقد كانت النظرة الوضعية مختلفة تمامًا، لكنها لا تزال ذات أهمية دائمة، فوفقًا لوجهة النظر هذه فإنّ الأحكام القيمية مثل الحقائق الرياضية ليست ملاحق ضرورية للعلم، ولا من الواضح أنّها صحيحة بالتعريف أو العرف اللغوي.
وجهة النظر المعتادة للوضعيين هي أنّ ما يبدو وكأنه تصريحات واقعية، على سبيل المثال أنّه لا ينبغي للمرء أن يكذب، هي في الحقيقة تعبيرات عن مشاعر المرء تجاه فعل معين، وبنفس الطريقة التي تبدو بها آه!” هو تعبير عن ألم المرء، لذلك فإنّ أحكام القيمة لا تتعلق بالعالم وهي ليست في الحقيقة صحيحة أو خاطئة.
وهنا يوضح هذا المذهب المعروف باسم العواطف انفصال الوضعيين عن الأخلاق عن العلم ويعكس مرة أخرى فكرة تجريبية قديمة، ويمكن رؤية نفس الموضوع على سبيل المثال في مقولة هيوم أنّه لا يمكن للمرء أن يشتق “يجب” من “موجود” أي من الأمور الواقعية، حيث لا يمكن للمرء أن يستنتج استنتاجًا حول ما يجب أن يكون.