الفنون الأدبيّة في عصر صدر الإسلام

اقرأ في هذا المقال


ظلّ الشعر يتبوأ المنزلة الأولى في صدر الإسلام، شأنه في العصر الجاهلي، لكن تطوراً جاداً ألمَّ به من حيث الأغراض والمعاني، فقد أوجد الإسلام أغراضاً جديدة كشعر الجهاد والفتوح والزهد والوعظ والشعر السياسي.
حيث قلَّ شأن طائفة من أغراض الشعر التي كانت سائدة في الجاهليّة، كالشعر القبلي القائم على العصبيّة القبليّة والمتصل بالأيام والوقائع والمفاخرات والشعر المتصل بالغزو والغارات، فقد ألغى الإسلام دواعي الشعر القبلي، حيث وحد القبائل العربيّة في أمة واحدة، تسوس أمورها دولة واحدة. وانصرف شعراء الحواضر إلى أغراض تلائم بيئتهم المترفة، فاتجهت طائفة منهم إلى الشعر الغزلي الذي بلغ الغاية من التألق والازدهار في عصر بني أميّة. واتجهت طائفة أخرى إلى الشعر الديني والوعظي.
وإلى جانب الشعر أخذت الخطابة تثبت أقدامها لحاجة المسلمين إليها. وبدأت تسير في طريق النماء والنضج بشتى أنواعها وفي حين توارى سجع الكهان ظهرت مكانة الخطابة الدينيّة، فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يخطب في المسلمين موضحاً لهم شؤون عقيدتهم.
وجاء الخلفاء الراشدون بعده فساروا على نهجه، حيث كانوا يعظون المسلمين في خطبهم ويحضونهم على مكارم الأخلاق. وقد احتلت الخطابة الدينية المنابر وحلقات المساجد من ذلك العصرن وكثر الوعاظ والقصاص.
وفي الوقت عينه ظهرت الخطابة السياسية التي تدور حول شؤون الحكم وسياسة الرعيّة. واستخدمت أول الأمر فيما نشب من خلاف بين المسلمين حول الخلافة إثر وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، فكانت الخطب التي ألقيت في سقيفة بني ساعدة باكورة الخطب السياسيّة.
وإلى جانب هذين اللونين من ألوان الخطابة ظلت الخطابة الحفية مكانتها، لا سيما خطب الوفود، فإذا وفد قوم على الرسول عليه الصلاة والسلام، أو على حلفائه من بعده أحضروا معهم خطباءهم ليتحدثوا بلسانهم ويفاخروا بهم.
وفنٌ ثالث بدأ يحبو في عصر صدر الإسلام ويخطو خطواته الأولى في طريق النضج هو فن الترسل، فإنَّ قيام الدولة الإسلاميّة استدعى وجود كتاب يوجهون الرسائل إلى العمال والقبائل في مختلف أقطار الدولة، فكان للرسول كتابه كما كان لخلفائه وولاتهم من بعده كتابهم.
ومن الكتّاب الذين استعان بهم الرسول عليه الصلاة والسلام لكتابة الوحي وكتابة الرسائل علي بن أبي طالب، معاوية بن أبي سفيان، أبان بن سعيد، خالد بن سعيد، ولعلاء بن الحضرمي، أُبي بن كعب وزيد بن ثابت.
ومن الرسائل المهمة في تلك الحقبة: رسالة عمر بن الخطاب التي أرسلها إلى أبي موسى الأشعري، في بيان أحكام القضاء بين المسلمين.


شارك المقالة: