اقرأ في هذا المقال
- نفعية العقوبات ومبدأ التمييز الواجبي
- التمييز بين رباعية نفعية العقوبات
- فلسفة التقييم الأخلاقي بين الثناء واللوم
- فلسفة نفعية الجزاء
بالنظر إلى تناقض ميل بين النفعية المباشرة وغير المباشرة، فمن الطبيعي الاستفسار عما إذا كانت إحدى وجهات النظر أكثر منطقية من الأخرى، حيث تشير بعض ادعاءات ميل في الفصل الخامس إلى ميزة محتملة قد تتمتع بها نفعية العقوبات، وفي توضيح نفعية العقوبة يدعي ميل أنّها تسمح له بالتمييز بين الواجب والنفع والادعاء بأنّه ليست كل الأفعال غير المفيدة خاطئة، بحيث لا تكون الأفعال غير المجدية خاطئة إلّا عندما يكون من الجيد أو الأمثل معاقبتها، ويشير هذا إلى أنّ نفعية العقوبة قد تكون أفضل من التصرف النفعية لأنّها تحتوي على تفسير أكثر منطقية للعلاقة بين الفئات الواجبة المختلفة.
نفعية العقوبات ومبدأ التمييز الواجبي:
يعترف التفكير الأخلاقي المعنوي بالتمييز الواجبي المألوف الرباعي وهي:
- خطأ أو ممنوع.
- مسموح.
- واجب.
- نافذة.
يبدو أنّ الفعل النفعي غير قادر على تفسير هذا التمييز الرباعي، وإنّه يعني أنّ الفرد يخطئ في كل مرة يفشل فيها في أداء الفعل الأمثل حتى عندما تكون هذه الأعمال دون المستوى الأمثل جيدة جدًا، ولأنّه يجعل الأفضل والواجب خاطئًا فإنّه يبدو أنّه يوسع نطاق المحظور ويقضي على التمييز بين الجائز والواجب ولا يفسح المجال للنافذ، وإذا كان الأفضل هو بالفعل واجب المرء فلا يبدو أنّ هناك مجالًا للنافذة.
التمييز بين رباعية نفعية العقوبات:
- الأفعال الخاطئة أو المحظورة: هي تلك التي من الأفضل إلقاء اللوم على أدائها.
- الأفعال المسموح بها: هي تلك التي لا ينبغي إلقاء اللوم على أدائها.
- الأفعال الإلزامية: هي تلك التي يكون من الأفضل إلقاء اللوم على إغفالها.
- الأفعال النافذة: هي أفعال مسموح بها وذات منفعة خاصة.
وبهذه الطريقة يبدو أنّ نفعية العقوبات تحترم هذا التصنيف الواجبي المشترك، وعلى وجه الخصوص لإفساح المجال للنافذة.
فلسفة التقييم الأخلاقي بين الثناء واللوم:
ومع ذلك يمكن وينبغي للمنفعي المباشر أن يميز بين التقييم الأخلاقي لفعل ما والتقييم الأخلاقي لفعل مدح أو لوم ذلك الفعل، ويجب تقييم كل المطالبات النفعية المباشرة من خلال فائدة القيام بذلك، ولكن بعد ذلك من الممكن أن يكون هناك فعل خاطئ (فعل دون المستوى الأمثل) يكون بلا لوم أو حتى جدير بالثناء.
ولكن بعد ذلك يمكن أن تلجأ النفعية المباشرة إلى نفس الفروق بين استحقاق الثناء وجدارة اللوم التي تناشدها المنفعة النفعية للعقوبة، بينما تنكر أنّ تمييزاتها الواجبة تتبع اللوم والثناء، ولذلك على سبيل المثال يمكن أن تكون هناك أفعال خاطئة لأنّ الأمر دون المستوى الأمثل، وسيكون من الخطأ مع ذلك إلقاء اللوم عليها لأنّ هذا سيكون دون المستوى الأمثل، وإذا كان الأمر كذلك فمن غير الواضح ما إذا كانت نفعية العقوبات تتمتع بأي ميزة حقيقية هنا على مذهب النفعية.
فلسفة نفعية الجزاء:
وعلاوة على ذلك يبدو أنّ نفعية العقوبات لها عيوب لا تفعلها النفعية، وتنبع إحدى هذه المشاكل من هيكلها الهجين، حيث أنّ النفعية الجزائية غير مباشرة بشكل غير مباشر، ولأنّه في حين أنّه يوفر نظرية نفعية غير مباشرة للواجب فإنّ الحساب الذي يقدمه عن متى يجب تطبيق العقوبات على السلوك هو تفسير مباشر، حيث يعتمد على عواقب تطبيق العقوبات.
وتوفر نفعية الجزاء حسابًا نفعيًا غير مباشر للظروف التي بموجبها يكون الإجراء – أي إجراء – صحيحًا أو خاطئًا، وهذا المعيار العام هو أنّ أي عمل خاطئ يجب على المرء أن يعلق عليه عقوبات، ولكن فرض العقوبات هو نوع من الإجراءات ويمكننا التساؤل عما إذا كان فرض عقوبة معينة سيكون صحيحًا أم خاطئًا.
والمعيار العام يعني أننا يجب أن نجيب على هذا السؤال حول مدى صحة تطبيق العقوبات في شروط الجزاءات النفعية، وأي من خلال التساؤل عما إذا كان من الصواب معاقبة عدم تطبيق العقوبات، وهذا يقدم عقوبة من الدرجة الثانية، حيث يمكننا الآن أن نسأل عن صوابها.
يبدو أننا في حالة تراجع لانهائي للعقوبات، وتتجنب النفعية الجزائية الانحدار لأنّها توفر إجابة نفعية مباشرة على السؤال متى يتم تطبيق العقوبة من الدرجة الأولى؟ وينص على وجوب تطبيق عقوبة إذا كان القيام بذلك هو الأمثل، على الرغم من أنّ هذا يتجنب التراجع إلّا أنّه يبدو أنّه يجعل نفعية العقوبات غير متسقة داخليًا كالتالي:
- أي فعل صحيح إذا كان ولأنّه من الأفضل تطبيق العقوبات على إغفاله (المطالبة غير المباشرة).
- إنّ تطبيق العقوبات أمر صحيح ولأنّ القيام بذلك هو الأمثل (المطالبة المباشرة).
حيث (2) يتعارض مع (1).
تتطلب الخيوط المختلفة في المفهوم النفعي للواجب عند ميل فك الارتباط، ففي معرضه المركزي للمعيار النفعي في الفصل الثاني يلزم ميل نفسه بالعمل النفعية في مقاطع متعددة، في هذا الفصل نفسه يركز على الميول المبهجة للأفعال ويخصص دورًا مهمًا للقواعد ضمن التفكير الأخلاقي، وكلاهما تم اتخاذه لإلزامه بقاعدة عقيدة نفعية.
ومع ذلك فإنّ هذه الادعاءات قابلة للتوفيق بينها وبين النفعية المباشرة، وبالتالي لا تقدم سببًا وجيهًا للابتعاد عن القراءة النفعية للفعل التقليدي لهذا الفصل، ولكن في الفصل الخامس يقدم ميل أفكارًا نفعية غير مباشرة في عقيدة نفعية العقوبات، ومن الصعب التوفيق بين هذه العناصر المباشرة وغير المباشرة في مفهوم ميل للواجب.