القضايا الأدبية في شعر فدوى طوقان

اقرأ في هذا المقال


ولدت فدوى طوقان في نابلس عام 1917، وأتمت التعليم في المرحلة الابتدائية في مدارس نابلس، ولأن عائلتها تتصف بالمحافظة وعدم الاختلاط فقد كان بالنسبة لهم موضوع مشاركة المرأة في الحياة العامة أمر مرفوض، ولذلك على إثر ذلك تركت فدوى الدراسة في المدرسة، ولكنها بقيت تُعلم وتُثقف نفسها بنفسها، ودعمها في هذا أخوها إبراهيم طوقان الذي قام بصقل مهاراتها عندها وطورها، وقام بتوجيهها إلى الكتابة وخاصة في الفنون الشعرية، ثم قام بتشجيعها على نشر الشعر في الكثير من الصحف.

شعر فدوى طوقان

إن شعر فدوى طوقان له مكان خاص في الإنتاج الشعري العربي الحديث؛ وذلك لأنه شعر صدر عن امرأة قامت بالتعامل مع أرقى القضايا وهي قضية الوطن، وإن الشعر له مكانة عظيمة في النفوس، وهو كالمرآة التي تعكس الأحاسيس والمشاعر وسجل لتاريخ البلدان، وتعتبر فدوى طوقان رمز من رموز التجديد في الشعر العربي.

لقد استفادت الشاعرة فدوى طوقان في صقل ثقافتها الشعرية والأدبية من مجالين أساسيين، أولهما كان وقوف أخوها إبراهيم طوقان إلى جانبها، فكان يأخذها معه في رحلاته لكي تتمتع بالمناظر الجميلة ويعرفها إلى المحيط الخارجي للمجتمع، وقام بتعليمها بعدما رأى فيها تعلقها بالشعر، والمجال الثاني الذي استفادت منه في مسيرتها هو إقبالها الشديد على الكتب والمكتبات، فساعدها ذلك على صقل مواهبها، فعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها إلا أنها أثبتت وجودها وذلك بإرادتها القوية.

القضايا الأدبية في شعر فدوى طوقان

التجديد في اللغة الشعرية في الألفاظ والتراكيب

إن اللغة هي الأساس الجوهري للإبداع؛ وبسبب ذلك نجد الشعراء والأدباء يبذلون ما بوسعهم للبحث عن مفردات وكلمات تعبر عن ذاتهم وهويتهم، فالشيء الذي يميز اشعر عن غيره من الكلام هو اللغة، وكانت فدوى طوقان تضع كل الشروط اللازمة في اللغة لتصل إلى غايتها من الإبداع، فكانت اللغة التي تستخدمها في شعرها قوية ومتماسكة ومترابطة مع المعاني.

إن القارئ لشعر فدوى طوقان يتلمس دقة اختيارها للألفاظ المليئة بالمعاني والدلالات، فمثلا في ديوانها “وجدتها” قامت بتصوير سعادتها وبهجتها لأنها وجدت نفسها وحققت ذاتها وعثرت عليها حيث تقول في في هذه القصيدة:

“وجدتها في يوم صحو جميل

بعد ضياع بعد بحث طويل

بحيرة رائقة ساحبة”

وفي قصيدة أخرى من ديوان “أعطنا حبا” استخدم الألفاظ والتراكيب تصف في القصيدة موت الحب وظهور الموت الذي أثّر حياتها، إذ تقول في قصيدة “هزيمة“:

“حكايتي لم تكن غير ظل

سريع الزوال

تفيأه قلبي المتشرد في يوم صيف”

التجديد في الصورة الشعرية

إن الصورة تعبر عن أحد المكونات الرئيسية في العمل الأدبي، فيستعين الشاعر بالصورة لكي يلطف الكلام وتساعد الشاعر عن الإفصاح بما يحس، وهناك نوعين من الصورة الفنية في شعر فدوى طوقان وهي الصورة المفردة البسيطة، ومثال عليها في شعر فدوى طوقان في قصيدة “نبوءة العرافة” حيث قالت فيها:

“حيث استراح الموت

وعرشت حولي غصون الموت

حنوت فوقه أنوء بالأسس

أمسح صدره المهشم الضلوع

أمسحه بالحب والأحزان والدموع

لملمتها أشلاءه المبتلة

بالدم والدخان والحصى 

لملمت ليل غاية الشعر

والشفة التي تمزقت كما الزهر

وماستي عينيه

لملمته شلوا فشلوا

باقة من الزهر سلمتها للرياح”

والنوع الثاني من الصورة الفنية في شعر فدوى طوقان هو الصورة المركبة ومثال عليها في قصيدتها “أهات أمام شبك التصاريح” فهي تصف فيها ساعت الانتظار على الجسر حتى تعبر من خلاله إلى وطنها قائلة:

“وقفتي بالجسر أستجدي العبور 

آه أستجدي العبور 

اختناقي، نفسي المقطوع محمول على

وهج الظهيرة

سبع ساعات انتظار

ما الذي قص جناح الوقت

من كسح أقدام الظهيرة

يجلد القيظ جبيني

عرقي يسقط ملحاً في جفوني

آه ألاف العيون

علقتها اللهفة الحرى مرايا ألم

فوق شباك التصاريح، عناوين

انتظار واصطبار

آه نستجدي العبور”

التجديد في الموسيقى الشعرية

مما لا شك فيه أن الموسيقى الشعرية لها الأثر الكبير في إيجاد الجو المتناغم لتوصيل الصورة الشعرية ورسمها، واعتمدت فدوى طوقان في شعرها على الشعر العمودي بنسبة كبيرة، على البحرين السريع والمتقارب متناصِفين بنسبة ستين بالمئة، وباقي شعرها قد توزع على بحور الكامل ومجزوء الكامل والرمل والخفيف، وقد قامت باستعمال تسعة من أوزان الشعر.

التجديد في المضمون الشعري

اختلفت المضامين الشعرية في شعر فدوى طوقان وتباينت؛ وذلك بسبب مسيرتها الشعرية الطويلة الزاخرة، فقد تنقلت في شعرتها بين مواضيع النزعة الذاتية والتأمل والمواضيع الإنسانية والمواضيع الوطنية، وقد انتقلت في قصائدها من القصيدة العمودية إلى الشعر الحر وهذا التغير في الشكل ما هو إلى نتيجة التغير في المضمون، والانتقال من المضمون الخاص إلى العام.

في النهاية نستنتج أن فدوى طوقان قد قامت بتحدي الصعوبات خلال حياتها في تلقي العلم في مجال الشعر، فقامت بتطوير مواهبها وإصدار العديد من دواوين الشعر العظيمة، ولقد كانت محور الدراسات الأدبية لما قامت فيه من تطوير في القضايا الأدبية الحديثة والمعاصرة.


شارك المقالة: