ظهر في الشعر الجاهلي صورة جديدة تعتبر من الحضارة، وهي صورة الكاتب الذي أقبل على كتبه يقوم بتنسيقها وترتيبها ويرتب خطه، وقد ذكر ذلك من خلال الشعر.
الكاتب في العصر الجاهلي من خلال الشعر
في العصر الجاهلي كان هناك مجموعة معروفة من الناس، وهم الكتّاب الذي جعلوا الكتابة حرفة لهم ومن بينهم كان هناك شعراء ومن أمثلتهم الشاعر “المرقش الأكبر وأخوه حرمله”، وغيرهم الكثير وهذا دليل على شيوع الكتابة في العصر الجاهلي آنذاك.
نماذج من الشعر الجاهلي الذي ذكر الكاتب
1- صورة الكاتب الذي يعتني بخطه ويرتبه ويحترف الكتابة وينمقها ويزخرفها، ومثال ذلك في قول الشاعر ثعلبة بن عمرو العبدي:
“لِمَن دِمنٌ كَأَنَّهُنَّ صَحائِفُ
قِفارٌ خَلا مِنها الكَثيبُ فَواحِفُ
فَما أَحدَثَت فيها العُهودُ كَأَنَّما
تَلَعَّبُ بِالسَمّانِ فيها الزَخارِفُ
أَكَبَّ عَلَيها كاتِبٌ بِدَواتِهِ
يُقيمُ يَدَيهِ تارَةً وَيُخالِفُ
رَجا صُنعَهُ ما كانَ يَصنَعُ ساجِياً
وَيَرفَعُ عَينَيهِ عَنِ الصُنعِ طارِفُ”
2- صور وصف منازل المحبوبة كأنها عنوان كتبه كاتب وقام بتجويده وزخرفته، ومن أمثلة ذلك قول الشاعر الأخنس بن شهاب:
“لِاِبنَةِ حِطّانَ بنِ عَوفٍ مَنازِلٌ
كَما رَقشَّ العُنوانَ في الرِقِّ كاتِبُ
ظَلِلتُ بِها أُعرى وَأُشعَرث سُخنَةً
كَما اِعتادَ مَحموماً بِخَيبَرَ صالِبُ
تَظَلُّ بِها رُبدُ النَعامِ كَأَنَّها
إِماءٌ تُزَجّى بِالعَشِيِّ حَواطِبُ”
3- يشير الشاعر المرقش الأكبر إلى الكاتب المنمق في شعره فيقول:
“هلْ بالدِّيارِ أنْ تُجِيبَ صَمَمْ
لو كانَ رَسْمٌ ناطِقاً كلَّمْ
الدَّارُ قَفْرٌ والرُّسُومُ كَما
رَقَّشَ في ظَهْرِ الأَدِيمِ قَلَمْ
دِيارُ أَسْماءَ التي تَبَلَتْ
قَلْبِي فَعَيْنِي ماؤُها يَسْجُمْ”
4- ظهور صورة الكاتب في ارتباطه بالمكان، ومثال ذلك في قول الشاعر الأسود بن يعفر:
“كأن بقايا رسمها بعد ما خلت
لكا لريح منها على محل مدمن
مجالس أيسار وملعب سامر
وموقد نار عزمها غير مزمن”
5- صورة الكاتب مرتبط بالزمان، وذلك في قول طرفة بن العبد:
“أَشَجاكَ الرَبعُ أَم قِدَمُه
أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه
كَسُطورِ الرِقِّ رَقَّشَهُ
بِالضُحى مُرَقِّشٌ يَشِمُه
لَعِبَت بَعدي السُيولُ بِهِ
وَجَرى في رَيِّقٍ رِهَمُه”