الكمال لله سبحانه- ولا تعدم الحسناء ذاما

اقرأ في هذا المقال


تمتلك جميع الأمم التي دبّت خطاها على وجه الأرض الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما أنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “لا تعدم الحسناء ذامّا”.

معنى مثل “لا تعدم الحسناء ذامّا” وفيم يضرب؟

يُعدّ مثل “لا تعدم الحسناء ذامًّا” من الأمثال العربية المشهورة، والتي تحمل بين طيات حروفها المعاني العظيمة، وأما معنى المثل، أي أن الحسناء مهما كانت جميلة فلا بد أن ينقصها شيء، أو يشوبها عيب، فالكمال لله سبحانه وتعالى وحده، وليس هناك أحد من بني البشر ليس به نقص، ويُعتبر هذا المثل من أكثر الأمثال العربية شهرة، والتي ضربت في المرأة الحسناء، ويقصد بالمثل أن الحسناء ليس من الممكن أن تسلم من الذم، أي أنها لا تعفى من النقص شأنها في ذلك شأن بقية البشر، فليس هناك أحد كامل مكمل، ويضرب المثل في استحالة خلو البشر من العيوب والنقص، فقد خلقنا الله هكذا، حتى نجاهد للتغلب على نواقصنا، والمراد بالذم هنا نقص الشيء.

قصة مثل “لا تعدم الحسناء ذامّا”:

يُقال إن أول من قالت هذا المثل هي: “حبى بنت مالك بن عمرو العدوانية”، وقد كانت امرأة شديدة الجمال، كأنها البدر في ليل التمام، خطبها ملك غسان من أبيها، وبعد تزويجها وحينما همّوا بأخذها إلى زوجها، قالت أمها لبعض النساء اللاتي كن في موكبها: حينما تدخلن بها على زوجها، طيبنها برائحة عطرة واجعلنها في قمة جمالها، فإن الرائحة العطرة تزيد الرغبة عند الملامسة والاجتماع، غير أنهن أغفلن هذا الأمر، ودخلت حبى إلى زوجها من غير أن تتطيب، فلما أصبح الصبح، سألوا زوجها، وقالوا له: كيف وجدت أهلك؟ ما رأيت مثل الليلة قطّ، لولا رويحة أنكرتها، ويعني بذلك أن ليلته كانت سعيدة، ولكن كان ينقصها عطر زوجته، وكانت حبى تسمع هذا الحديث من خلف سترها، فردت قائلة: لا تعدم الحسناء ذامّا، ومنذ ذلك الحين، صار هذا المثل مضربًا بين الناس، يتداولونه ويتناقلونه حتى يومنا هذا.

مثل “لا تعدم الحسناء ذامًا في حكم العرب”:

أبدع العرب في صياغة المعنى الذي تضمنه مثل “لا تعدم الحسناء ذامًّا”في مقولات وحكم كثيرة، إذ إن هناك العديد من الحكم تدور في فلك هذا السياق مثل: “لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس”، و”من يحتمل عيوبي أعتبره سيدي ولو كان خادمي”، و”إن أخفيت ذنب الحمار يظهر لك دوما أذنيه”، و”لم أر في عيوب الناس شيئًا كنقص القادرين على التمام”، و”طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس”.


شارك المقالة: