قصة اللص الماهر

اقرأ في هذا المقال


هي إحدى القصص الخيالية لنانسي بيل المفضلة لدينا من المجموعة، (A Clever Thief) حكايات هندوسية من السنسكريتية (1919) ، ترجمها إس إم. ميترا. هذه الحكايات الخيالية ثاقبة بشكل غير عادي من خلال طرح أسئلة في نهاية كل فصل، مما يدفع القارئ إلى تحقيق الذات (قيمة هندوسية) ، بدلاً من القواعد المحددة (وهي قيمة غربية في الغالب). تم نقل العديد من هذه القصص الكلاسيكية شفهياً في الهند، ولم يكن في متناول الثقافة الغربية حتى هذا المجلد.

الشخصيات:

  • هاري سارمان.
  • فيديا.
  • الرجل الثري.
  • الملك.

قصة اللص الماهر:

تدور أحداث القصة حول رجل يُدعى هاري سارمان، عاش في قرية صغيرة في الهند، حيث لم يكن هناك أغنياء وكان على الجميع العمل بجد للحصول على خبزه اليومي، كان لديه زوجة اسمها فيديا وعائلة كبيرة حيث كان من الصعب عليه الحصول على ما يكفي من الطعام لهم جميعًا، ولسوء الحظ لم يكن مجتهدًا وكان كسول جدًا وكذلك كانت زوجته ولم يقم أي منهما بأي محاولة لتعليم أولادهم لكسب لقمة العيش ولولا مساعدة فقراء القرية لهم لكانوا جوعى حيث اعتاد هاري سارمان إرسال أطفاله في اتجاهات مختلفة للتسول أو السرقة، بينما يبقى هو وفيديا في المنزل لا يفعلون شيئًا.
وذات يوم قال لزوجته: دعونا نترك هذا المكان، ونذهب إلى مدينة كبيرة حيث يمكننا أن نعيش حياة مختلفة وسوف أتظاهر بأنني رجل حكيم قادر على اكتشاف الأسرار، فوافقت فيديا بكل سرور على ذلك، وانطلقت العائلة بأكملها، حاملين معهم بعض ممتلكاتهم ثمّ ذهبوا إلى بلدة كبيرة وهناك ذهب هاري سارمان إلى بيت رجل غني يمتلك عقارات كبيرة في البلاد وأخبره أنه يبحث عن عمل وأنّه قادر على كشف الأسرار وعلى الفور قال أنّه سيجد عملاً له ولزوجته، وأنه يمكنه إرسال الأطفال إلى مزرعة لديه في البلد، حيث يمكن أن يكونوا مفيدين للغاية هناك.
فرح هاري سارمان وشعر بسعادة غامرة بهذا الأمر وذهب ليخبر زوجته بالبشارة حيث استُقبل الاثنان على الفور في البيت الكبير للرجل، ثمّ أعطيت لهما غرفة صغيرة خاصة بهما بينما تم نقل الأطفال بعيدًا إلى المزرعة فشعروا بالبهجة الشديدة للتغيير من الحياة البائسة التي كانوا يعيشونها، وبعد وقت قصير من وصول الزوج والزوجة إلى منزل التاجر تزوجته الابنة الكبرى و كانت الاستعدادات رائعة مسبقًا.
حيث ساعدت فيديا في المطبخ لإعداد جميع أنواع الأطباق اللذيذة، وكانت فيديا أكثر سعادة مما كانت عليه من قبل والآن بعد أن أصبح لديها الكثير لتفعله والكثير من الطعام الجيد، لقد أصبحت في الواقع مخلوقًا مختلفًا تمامًا، وبعدما تذكرت أطفالها بدأت تتمنى لو كانت أماً أفضل لهم ثمّ فكرت بأن تذهب لترى كيف تسير الأمور معهم عندما ينتهي الزفاف، ومن ناحية أخرى، نسيت كل شيء عن زوجها الذي أصبحت نادراً ما تراه.
في تلك الأثناء كان الأمر مختلفًا تمامًا مع هاري سارمان نفسه حيث لم يكن لديه واجبات خاصة ليؤديها ويبدو أن لا أحد يريده، إذا دخل المطبخ كان يأمره الخدم المشغولون بالنزول عن طريقهم، ولم يرحب به صاحب المنزل أو ضيوفه، فشعر حينها بالوحدة والبؤس الشديد ثمّ كان يفكر في نفسه كم سيستمتع بكل الطعام اللذيذ الذي سيحصل عليه بعد الزفاف، لكنّه بدأ يتذمر بعد شعوره بالجوع وفكر بما يجب القيام به لتغيير هذه الحالة المروعة للأمور، وبينما كانت الاستعدادات لحفل الزفاف جارية ظل مستيقظًا لوقت طويل وهو يفكر: ما الذي يمكنني فعله في العالم لأجعل السيد يهتم بي؟
فجأة خطرت في رأسه فكرة وهي سرقة شيئًا ذا قيمة من المنزل وأخفائه بعيدًا وعندها خطط ما الذي يمكنه أخذه بكل تأكيد وسيفتقده صاحب المنزل، فنهض من السرير وارتدى ملابسه على عجل، وهذا ما قرر هاري سارمان فعله حيث كان لدى التاجر عدد كبير جدًا من الخيول الجميلة جدًا، والتي عاشت في إسطبلات رائعة وتم الاعتناء بها بأكبر قدر ممكن وكان من بينهم فرس عربية صغيرة جميلة وهي المفضلة الخاصة للعروس التي كثيراً ما كانت تذهب لتربيتها والاهتمام بها، فقال الرجل الشرير لنفسه: سوف أسرق تلك الفرس وأخفيها بعيدًا في الغابة ثم عندما يبحث عنها الجميع سيتذكر السيد الرجل الذي يمكنه الكشف عن الأسرار ويرسل في طلبي.
لم يلتق بأحد وهو في طريقه إلى الإسطبلات التي كانت مهجورة تمامًا حيث دخل بسهولة وفتح الباب من الداخل وأخرج الفرس الصغير بعيدًا في أعماق الغابة وربطه هناك، وعاد بأمان إلى غرفته الخاصة دون أن يراه أحد، وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، ذهبت ابنة التاجر بحضور خدمها لرؤية فرسها الصغير العزيز، وعندما وجدت الأسطبل فارغًا خمنت على الفور أن لصًا قد دخل أثناء الليل وسارعت إلى المنزل لتخبر والدها الذي كان غاضبًا جدًا من الحراس الذين لم ينتبهوا للبيت في الليل، وأعلن أنه يجب جلدهم جميعًا بسبب ذلك. وقال: لكن أول شيء يجب القيام به هو استعادة الفرس، وأمر بإرسال الرجال في كل اتجاه واعدًا بمكافأة كبيرة لمن يعيد الفرس.
بعد أن سمعت فيديا بذلك، اشتبهت في الحال أن هاري سارمان كان له علاقة بالموضوع حيث قالت لنفسها: أتوقع أنه قد أخفى الفرس، ويريد الحصول على مكافأة مقابل العثور عليها، فطلبت رؤية صاحب البيت وعندما أذن لها قالت له: لماذا لا ترسل لزوجي الرجل الذي يستطيع أن يكشف الأسرار، بسبب القوة الرائعة التي أعطيت له بخلاف الآخرين؟ وبعد سماع ما قالته فيديا، طلب منها التاجر على الفور الذهاب وإحضار زوجها، ولكن رفض هاري سارمان العودة معها ثمّ قال بغضب: يمكنك أن تقولي للسيد ما يحلو لك، لقد نسيتني تمامًا بالأمس والآن تريدني أن أساعدك وتتذكرين وجودي فجأة، لن أكون تحت إشرافك أو الاتصال بك أو بأي شخص آخر.
ناشدته فيديا أن يتراجع عن ذلك، وأنّه ليس جيدًا أن تعود وتخبر التاجر أنه لن يأتي، ولكنّه بقي مصراً على رأيه وبعدما ذهبت وأخبرت السيد بذلك بدلاً من أن يغضب من هذا، فاجأها السيد بقوله: زوجك على حق لقد عاملته معاملة سيئة، اذهبي وقولي له إنني أعتذر وسأكافئه جيداً إذا جاء فقط وساعدني، ثمّ عادت فيديا مرة أخرى وهذه المرة كانت أكثر نجاحًا ولكن على الرغم من أن هاري سارمان قال إنه سيعود معها، إلا أنه كان عابسًا للغاية ولم يجيب على أي من أسئلتها وهي لم تستطع فهمه وتمنت لو لم تتركه وحيداً، ثمّ كان يتصرف بغرابة أيضًا، وعندما سأله السيد الذي استقبله بلطف شديد عما إذا كان بإمكانه إخباره بمكان الفرس وقال له: أعرف كم أنت رجل حكيم وذكي.
بعد سماعه كلام السيد تذمر هاري سارمان قائلاً : لم يكن الأمر كذلك بالأمس ولم يلاحظني أحد في ذلك الوقت، لكنك الآن تريد شيئًا مني وتكتشف أنني حكيم وذكي، أنا مجرد نفس الشخص الذي كنت عليه بالأمس، فقال التاجر: أعرف، أعرف، وأعتذر عن إهمالي ولكنني كنت مشغولاً بزواج ابنتي، عندها أخرج هاري سارما خريطة مليئة بالخطوط المتعرجه وأخبر السيد أن تلك طرق موجودة في الغابة وأخبره أن هناك تحت شجرة معينة يوجد بقعة سوداء يوجد بها الفرس، عندها أرسل الملك رجاله وأعادوا الفرس من نفس المكان الذي أخبرهم به مما جعل هاري سارمان يستعيد مكانته عند صاحب المنزل.
في تلك الأثناء حدث شيء أوقعه في مشكلة كبيرة حيث اختفت كمية من الذهب والعديد من المجوهرات الثمينة في قصر ملك البلاد، وعندما تعذر اكتشاف اللص، أخبر أحدهم الملك بقصة الفرس المسروقة وكيف وجدها رجل يُدعى هاري سارمان وهو يعيش في منزل تاجر ثري في المدينة الرئيسية، فأمر الملك أن يحضروا هذا الرجل إليه على الفور، وسرعان ما تم عرض هاري سرمان أمامه، قال الملك: سمعت أنك حكيم للغاية، يمكنك الكشف عن كل الأسرار، أخبرني الآن على الفور من سرق الذهب والمجوهرات وأين يمكن العثور عليها.
عندها طلب هاري مهلة للغد من الملك الذي رفض أن يعطيه ساعة واحدة، ولأن هاري كان خائفا، بدأ يشك في أنه مخادع، فهدده إذا لم يخبره على الفور بمكان الذهب والمجوهرات، فسوف يتم جلده، فوجد هاري أن فرصته الوحيدة لكسب الوقت لتكوين قصة لجعل الملك يؤمن به، فقال: إن أكثر السحرة حكمة يحتاجون إلى توظيف وسائل لاكتشاف الحقيقة، أعطني أربع وعشرين ساعة وسأسمي اللصوص.
قال الملك: أنت لست ساحرًا ولم تتمكن من اكتشاف شيء بسيط كما أطلب منك، ثم التفت إلى الحراس وأمرهم بأخذ هاري إلى السجن، وحبسه هناك بدون طعام أو شراب، وسرعان ما وجد نفسه وحيدًا في غرفة مظلمة وقاتمة لم يرَ أملًا في الهروب منها وكان يحاول عبثًا التفكير في طريقة ما للهروب، ثمّ تمنى لو كان عامل زوجته بشكل أفضل لأنّها الوحيدة القادرة على إنقاذه وندم شديداً على كذبه في إدعاء معرفة الأسرار الذي أوقعه في هذه المشكلة وبقي يلوم لسانه الذي كان سبب في مشكله قائلاً : جيهفا، جيهفا وهي الكلمة السنسكريتية التي تعني اللسان.
في تلك الأثناء كان في قصر الملك خادمة تدعى جيهفا وهي التي سرقت المجوهرات من القصر وبعدما علمت بأمر هاري كاشف الأسرار خافت من أن يستطيع كشف سرها فرتبت لزيارته ومحاولة رشوته بالسكوت عنها مقابل بعض جزء من الذهب المسروق، وبينما دخلت السجن لزيارته كان هاري يردد بغضب جيهفا، ويعني زلت لسانه وعندما سمعت الخادمة باسمها تأكدت أنّه كاشف الأسرار وأنّه عرف بأمرها، فطلبت من الحارس السماح لها بالدخول عند هاري، وفور دخولها ألقت جيهفا بنفسها فجأة عند قدميه وتمسكت بركبتيه وبدأت تبكي وهي تقول: أيها الرجل الأقدس الذي يعرف أسرار القلب، لقد جئت لأعترف أنني بالفعل جيهفا خادمتك المتواضعه، التي ساعدت اللص على أخذ المجوهرات والذهب وإخفائها تحت شجرة الرمان الكبيرة خلف القصر.
أجاب هاري سارمان بسعادة غامرة لسماع ذلك: لم تخبريني بشيء لم أكن أعرفه، لأنه لا يخفى عني سر، ما المكافأة التي ستعطيني إياها إذا خلصتك من غضب الملك؟ فقالت جيهفا: سأعطيك المال الذي أملكه.

فقال هاري سارمان: اذهبي الآن واحضريها كلها، ودون انتظار لحظة سارعت جيهفا بعيدًا لجلب المال وبعدما أحضرته طلب هاري منها أن تجلب اللص الذي تعاون معها فقالت أنّها لا تستطيع فعل ذلك، لأنه بعيد جدًا و يعيش مع شقيقه، إندرا داتا، في الغابة وراء النهر، أكثر من رحلة يوم واحد من هنا ثمّ غادرت جيهفا السجن، وبعد ذلك بوقت قصير، جاء الحراس ليأخذوا هاري سارمان مرة أخرى أمام الملك الذي استقبله ببرود شديد وبدأ على الفور في تهديده بعقوبة رهيبة، إذا لم يقل من هو اللص وأين الذهب والمجوهرات، عندها قال هاري: سأقودك إلى المكان الذي دفن فيه الكنز ولكن اسم اللص، رغم علمي به لن أخونه أبدًا لأنه وعد الخادمة بالتكتم على أسمها.
وافق الملك الذي لم يكن يهتم كثيرًا بمن هو اللص طالما أنه استعاد ماله، وسرعان ما أحضرهم هاري سارمان إلى شجرة الرمان وهناك، بكل تأكيد في أعماق الأرض، كان الذهب والمجوهرات المتبقية، بعد ذلك شعر الملك بالسعادة من هاري وأعطاه جزءاً من الذهب كما طلب منه هاري استعادة أولاده من المزرعه التي يعملون بها وزوجته من بيت الرجل الثري كما طلب منه أن يهبه منزل جميل ليجمع عائلته فيه ويعيشون بسلام، وافق الملك ومنحه ما طلب وعاش هاري وعائلته حياة سعيدة حيث كان للقدر الدور الأكبر في إصلاح حياة هاري وعائلته.


شارك المقالة: