اللغة الأولى واللغة الثانية

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن اللغة:

تعد اللغة أحد أهم الجوانب والعوامل التي تميزنا نحن البشر عن غيرنا من المخلوقات الأخرى، فأنعم الله علينا بالعقل وهو ما منحنا القدرة على الكلام والتواصل مع بعضنا البعض فقط من خلال الأصوات والكلمات المنطوقة. فلنا الحرية بتخيل عظمة الله تعالى وفضله علينا.
إن تخيل طريقة اكتساب اللغة بحد ذاته فكرة مثيرة للدهشة والإعجاب فيما يتعلق بالتطور البشري من المنظور النفسي والمعرفي. فالبشر العاديون يكتسبون اللغة التي يواجهوها لأول مرة وهم أطفال. وبعد ذلك قد يتمكنوا من تعلم لغات مختلفة ومتعددة ولكن دائماً ما تكون اللغة الأولى أو ما يعرف باللغة الأم مميزة ومختلفة عن غيرها من اللغات. ويبدو واضحاً بأنه هناك الكثير من الفروقات والاختلافات بين اللغة الأول واللغة الثانية للشخص.

الفرق بين اللغة الأولى واللغة الثانية:

تعد اللغة الأولى أو اللغة الأم هي لغة الشخص التي اكتسبها في الصغر من خلال البيئة التي تعرض لها بدون أي اجتهاد ومعرفة من هذا الشخص، بينما تعد اللغة الثانية اللغة التي يتعلمها الشخص عن إدراك ورغبة منه أن يتعلم هذه اللغة لغايات عديدة وأهمها التواصل مع المتحدث الأصلي لتلك اللغة.
فاللغة الأولى هي اللغة التي غرزت بالشخص منذ ولادته وتتطور لديه من خلال التعرض لهذه اللغة بشكل يومي وخوض العديد من التجارب فيها، فلا بديل لهذه اللغة فهي تعتبر كلغة حتمية، كما أنه لا يوجد خيار للشخص باختيار لغته الأولى أو لغته الأم.
فاللغة الأولى تعتبر كميراث وحق مكتسب للشخص ، فعلى سبيل المثال تعد اللغة العربية لنا كعرب اللغة المتأصلة في جذورنا وتاريخنا وديننا فهي لغة القرآن، ولكننا دائماً ما نتعلم لغات أخرى إلى جانب اللغة العربية وذلك بفضل الاستعمار التي مرت به الدول العربية فالبنان وسوريا والمغرب العربي يتحدثون لغتنان بجانب اللغة العربية وهما اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، وباقي الدول العربية يتحدثون اللغة الإنجليزية إلى جانب اللغة العربية.

تكون عميلة اكتساب اللغة الأولى سريعة جداً فالطفل الذي يبلغ من العمر سنتان يستطيع التحدث بشكل جيد، أي لا بأس به، وذلك لأنه يتعرض بشكل مستمر ومتواصل للغة المحيطة به فيتحدثها من غير وعي أو إدراك.
ولكن اللغة الثانية هي اللغة التي يختارويحدد الشخص تعلمها، وهناك العديد من البدائل للغة الثانية. ويعتبر تعلم اللغة الثانية بطئ نسبياً مقارنة بسرعة تعلم اللغة الأولى. فعلى سبيل المثال عندما تحدثنا العربية لم نكن بحاجة إلى كتب ودروس لتعلمها ولكن نحن بحاجة إلى الكثير من الدروس والكتب والتعلم المستمر للتمكن من تلعم الإنجليزية.

فعندما ندقق ونتعمق بكلمة اكتساب ندرك جيداً بأنها تعني امتلاك الشيء وهذا يدل على أن اللغة الأولى هي ملكية للشخص. ولكن تعلم تعني اكتساب المعرفة أو المهارة من خلال التعلم والدراسة أو الخبرة.

يتم اكتساب اللغة الأولى أو اللغة الأم بشكل كامل ومتقن 100% خلال ستة سنوات من الولادة. ولكن اللغة الثانية لا يمكن تعلمها مهارة وكفاءة وإتقان، كاللغة الأولى أو اللغة الأم. ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن للشخص أن يحقق الكفاءة والمهراة المطلوبة في تلعم اللغة الثانية، يمكننا تحقيق ذلك ولكن هذه عملية بطيئة تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والدراسة والتوجيه المستمر.

يبدأ اكتساب اللغة الأولى أو اللغة الأم بما يعرف بالخطاب التلغرافي أو الكلام التلغرافي، يعتبر هذا المصطلح مصطلح مشتق من كلمة تيليغراف أو تيليغرام، حيث صاغة علم اللغة النفسي الأمريكي روجير براون وذلك في عام 1963. فعندما يبدأ الطفل اذي يكون عمره بين الثمانية عشر إلى الأربعة وعشرون شهراً بالكلام لا يقوم بتكون جمل كاملة ولكن يقوم باستخدام كلميتن أو لا يقوم باستخدام الصيغة الكاملة والسليمة للدلالة والأشارة على ما يريد قوله، فعلى سبيل المثال لا يقولون (أبي يمشي) وإنما يقولون (أبي أو بابا أمشي) ولا يقولون ( ماما أريد الحليب) وإنما يقولون(ماما حليب) وهكذا.

ولكن يبدأ تعلم اللغة الثانية بجمل كاملة فلا نستطيع استخادم كلمات وتراكيب ركيكة، بل يجب أن يكون كلامنا ذو معنى كامل وتركيبة دقيقة. وفيما يتعلق بتعلم الأطفال للغة الثانية، فلا يستطيعوا تعلمها إلا إذا كانوا فعالين جداً ومتقنون للغتهم الأولى والأم بشكل كامل. فتعد اللغة الثانية جانب جديد من حياة الإنسان تتطلب الوعي والإدراك الكامل منه لإستيعاب تراكيب وهياكل اللغة.

عوامل اختلاف اللغة الأولى واللغة الثانية:

1- العمر:

يعد العمر العامل الأكثر أهمية الذي يجعل اللغة الثانية مختلفة تماماً عن اللغة الأولى، فالأطفال ذوي الستة سنوات الذين اكتسبوا لغتهم الأولى بكفاءة كاملة يكون لديهم القدرة بشكل أكبر على تعلم اللغة الثانية. وبالعدة ما يجدون البالغون صعوبة كبيرة في تعلم لغة جديدة عندما يعتادون على لغتهم الأم.

2- الشخصية:

لا تشكل شخصية الطفل فرقاً كبيراً في اكتساب اللغة الأولى، ولكنها تحدث فرقاً كبيراً في تعلم اللغة الثانية، فالمتعلمون ذوي الشخصية الانطوائية يحرزون تقدماً بطيئًا من المتعلمون ذوي الشخصة المنفتحة؛ وذلك لأن اللغة تحتاج إلى الكثير من التفاعل والانتفتاح على المجتمعات المتحدثة بهذه اللغة، فعلى سبيل المثال ينصح متعلم اللغة الإنجليزية بشكل دائم بالتحدث أو إذا كان له القدرة الإقامة مع الأشخاص الذين لغتهم الأم هي اللغة الإنجليزية.

3- الثقافة:

اللغة الأولى هي أحد عوامل ثقافة الشخص، ولكن لا تعد ثقافة اللغة الثانية ذا أهمية كبيرة لدى متعلمها. ولكن هذا لا يعني أن تعلم الثقافة ليس مهماً في تعلم اللغة الثانية. فعللا سبيل المثال، لكي نتمكن من تحدث اللغة الإنجليزية بشكل جيد يجب علينا الإانخراط يثقافتها ومجتمعاتها؛ وذلك لإن العديد من المصطلحات والتراكيب قد لا تبدو ذات طابع مفهوم إلا إذا تمكنّا من فهم الثقافة لهذه اللغة.

4- الدافع والحافز:

يعد الحافز والدافع ذات أهمية كبيرة لدى متعلم اللغة الثانية، ومن المرجح أن يتعلم المتعلم الذي لديه دافع وحافز قوي اللغة الثانية بشكل سريع. ولكن لا يتطلب اكتساب اللغة الأولى أي دوافع وحوافز؛ وذلك لأنها ظاهرة طبيعية يتم اكتاسبها من دون وعي ومن دون الحاجة إلى البحث والجهد لاكتسابها.

5- اللغة الأم أو اللغة الأولى:

يعتمد متعلم اللغة الثانية كثيراً على تراكيب وأبنية كلام اللغة الأم، فإذا كانت هياكل وتراكيب اللغة الثانية مشابهة للتراكيب اللغة الأم سيكون من السهل على المتعلمين استيعابها. فعلى سبيل المثال، سيجد متحدث اللغة الإنجليزية سهولة في تلعم اللغة الهولندية، ولكن سيجد من الصعب تحدث أو تعلم اللغة العربية؛ وذلك لأنها ذات تراكيب وأبنية مختلفة تماماً عن اللغة الإنجليزية.

فكل من اللغة الأم واللغة الثانية تأثيراً على بعضهما البعض، وكما تحدثنا تعتبر اللغة الأم اللغة الطبيعية ذات القاعدة الصلبة لدى الأنسان والتي تطور الإنسان فكرياً ونفسياً. ويمكننا القول بأن العلاقة والاختلافات بين اللغة الأولى واللغة الثانية تعتبر علاقة معقدة ولكنها ثابتة في نفس الوقت.

المصدر: First and Second Language Acquisition: Parallels and Differences Textbook by Jurgen M. Meisel, 2011First and Second Language Phonology,Mehmet S. Yavas, 1994First and Second Language Acquisition Processes, Carol Wollman Pfaff, 1987Language Acquisition and Change: A Morphosyntactic Perspective Jürgen M. Meisel Martin Elsig Esther Rinke Copyright Date: 2013


شارك المقالة: