اللي ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعة

اقرأ في هذا المقال


إن الشعوب التي تركت الأثر على أطراف المعمورة، تمتلك ميراثها الثقافيّ الذي يخصها، والذي يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “اللي ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعة”.

فيم يضرب مثل: “اللي ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعة”؟

مثل: “اللى ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعه”، من الأمثال الشعبية الرائجة على ألسنة العامة، وأصله يعود إلى قرويين أساؤوا التعامل مع حمار عنيف، فكانوا يؤذونه بطريقة أخرى، فُضرب بهم المثل: “اللي ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعة”، وصارت تتداوله الألسن حتى وقتنا الحالي، إذ يعبر عن الشخص الذي يخطئ هدفه، ويستمر في الخطأ.

قصة مثل: “اللي ما بيقدر يأدب الحمار بيأدب البردعة”:

يُحكى أنه في إحدى القرى البعيدة، وقد كان الحمار الوسيلة الوحيدة للتنقل، ووجد هناك حمار شديد العنف، يؤذي كل شخص يقترب منه، فعوضًا عن تفهم القرويين للمشكلة وحلها، كانوا يصبون جام غضبهم على هذا المخلوق المسكين، إذ كانوا كلما أوقع الحمار الأحمق أحدهم، محدثًا الإصابات وإتلاف الزاد، انهالوا جميعهم ضربًا في البردعة، والبردعة هي كالسرج للفرس، ويروح أفرادها ينفثون ويضربون البردعة تبرمًا وتذمرًا، من سوء أفعالها.

بعد أن طال بالقرويين التذمر والتشكي، صاروا يرفعون أصواتهم لتغيير البردعة، وبقوا لأعوام طويلة يفعلون، وبالفعل تم وضع بردعة جديدة للحمار، غير أن الحمار رجع كالعادة إلى إيذاء الناس، يرميهم على الأرض، ويعضهم، ويرفسهم، محدثاً الكثير من الإصابات البالغة فيهم، والمميتة في بعض الأحيان، وما كان شجعان القرويين يتوانون عن ضرب البردعة، في كل مرة، وبعد سنين طويلة وتضجر، رجع الناس إلى مطلبهم بتغيير البردعة، وتتغير البرادع مرة بعد مرة على مضض، ولا يختلف شيء عن سابقه مثل العادة.

بقيت الأمور بين القرويين وبردعة الحمار على حالها، بل إنها ازدادت سوءًا، حتى أضحوا مضربًا للمثل، الذي تداولته الأجيال عبر الأزمنة، وهذا المثل يعبر عن الأشخاص الذي لا يعرفون المصدر الحقيقي لمشاكلهم وبلاياهم، ويصرون على تسديد ضرباتهم إلى غير الهدف الصحيح الذي لا ينفعهم أو يغنيهم، فيقال عنهم: “اللي ما بيقدر يأدب الحمار، بيأدب البردعه”.


شارك المقالة: