جميع الشعوب التي تعاقبت الحياة على أطراف هذه المعمورة، لها الموروث الثقافيّ الذي يخصها، وكما إنه يجعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: “اللي ما يعرف الصقر يشويه”.
فيم يضرب مثل “اللي ما يعرف الصقر يشويه”
مثل: “اللي ما بيعرف الصقر يشويه” من الأمثال الشعبية التي تدور على ألسنة الكثيرين، ويُضرب في أولئك الذين ينقصون من حق الأشياء، ولا يدركون القيمة الحقيقية لها؛ فيستهينون بها، ويفرطون فيها بسهولة، ولا يشعرون حتى بتأنيب الضمير أو الخطأ، إذ لا يعرف قيمة الأشياء سوى أصحابها، فما هو عزيز وغالٍ لدى البعض، قد لا يساوي شيئًا عند الآخرين.
أمثلة على استخدام المثل
- قد يُقال هذا المثل لشخص اشترى هاتفًا باهظ الثمن ثم قام بكسرِهِ عن طريق الخطأ.
- قد يُقال هذا المثل لشخص أُعطيَ منصبًا مهمًا ثم لم يستطع القيام بواجباته بشكلٍ صحيح.
الهدف من مثل اللي ما يعرف الصقر يشويه
- تحذير الناس من عدم التهاون مع الأشياء الثمينة.
- التأكيد على أهمية معرفة قيمة الأشياء وكيفية التعامل معها بشكلٍ صحيح.
قصة مثل “اللي ما يعرف الصقر يشويه”
أما حكاية مثل: “اللي ما يعرف الصقر يشويه”، فقيل إنه في غابر الأزمان كان لدى رجل صقر غالٍ وعزيز عليه، وكان هو مصدر رزقه الوحيد، فعليه كان يعتمد في صيد الحبارى التي يبيعها أو يأكل منها هو وأسرته، وفي يوم كثيف الغيوم لا يناسب الصيد أطلق الرجل صقره سعيًا وراء الرزق، ولكن الصقر على غير عادته تأخر ولم يعد، فظل الرجل ينتظر وينتظر لكن دون فائدة، فأخذ يجوب المكان بحثًا عنه، ولكن من دون جدوى، وبينما هو سائر وجد راعيًا عند إبله، فسأله عن طيره وإن كان قد رآه، فقال له الراعي: إنه رأى طيرين يتقاتلان أسفل الشجرة، فقرعهما بعصاه وذبحهما، وها هما على النار ينتظر نضجهما.
بُهت صاحب الصقر حين سمع أن صقره الطير الجارح أضحى مشويًا على النار، ومسه الغم والحزن، وما كان منه إلا أن صاح في الراعي قائلًا: ما الذي فعلته؟ أتطبخ الصقر؟ ويحك إنه لا يؤكل؟ أما الراعي فقال: صقر أو غيره كلها طيور، فقال الرجل: “اللي ما يعرف الصقر يشويه”، وهكذا راحت مقولته مثلًا يُتمثل به في الكثير من المواقف، أي من لا يقدر قيمة الصقر ولا يعرفه يفعل به أي شيء، ويعامله معاملة باقي الطيور، وهكذا الحال مع كل الأشياء القيمة لدينا، فمن لا يعرف قيمتها ومدى أهميتها بالنسبة لنا يهدرها ويفرط فيها.