اللي يبينا عيت النفس تبغيه

اقرأ في هذا المقال


كلّ الأمم التي تعاقبت الحياة على وجه الأرض، قد امتلكت الموروث الثقافيّ الذي يخصها، والذي جعلها تتفرد به عن غيرها، وهو بدوره يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي بين أيدينا هو: ” اللي يبينا عيت النفس تبغيه”.  

أصل مثل “اللي يبينا عيت النفس تبغيه”:

في حقيقة الأمر أن كثيرًا من الناس يعرفون هذه الأبيات، ويرددونها مثلًا دون أن يعرفوا حكايتها، وهذه الأبيات لشاعرة مشهورة في جزيرة العرب، وهي: “نورة الحوشان”، وهي قد أتت من تجربة خاصة تعرضت لها الشاعرة، فكتبت هذه الأبيات التي ذاعت بين الناس، وأخذوا يرددون البيت الأخير منها مثلًا على ألسنتهم.

قصة بيت الشعر “اللي يبينا عيت النفس تبغيه” الذي راح مثلًا:

فيما يُروى عن الشاعرة “نورة الحوشان”، أنها كانت تعيش في مدينة القصيم مستورة ومسرورة مع زوجها “عبود بن علي بن سويلم” إلى أن نشب بينهما خلاف، تفاقم بسرعة، وعظم لدرجة أنه أدى إلى طلاقهما طلاقًا لا رجعة فيه، وقد كانت نورة من النساء الجميلات، فتهافت عليها العديد من طالبي الزواج بعد الانفصال، هذا بالإضافة إلى أنها من أسرة مشهورة ولها مكانتها في المجتمع، لكنها رفضت الزواج بعد زوجها عبود التي كانت تحبه وترى فيه كثير من مواصفات الرجل المثالي.

في يوم من الأيام بينما كانت نورة تمشي على طريق يمر بمزرعة طليقها، وكان برفقتها أولادها منه، إذ شاهدته فتوقفت قريبًا من المزرعة، وذهب الأولاد ليلاقوا والدهم ويسلموا عليه، وبقيت هي تنتظرهم حتى رجعوا إليها، فأخذتهم وأكملت مشوارها، وبينما هي في الطريق أخذت تتذكر أيامها معه، وتذكرت كل من تقدم لخطبتها من بعده، ورفضها لهم، فقالت حينها قصيدتها المشهورة، والتي نبعت من قلب متألم عاني من الحب وأوجاعه، وتجرع كأس الفراق حتى صابه الوهن، وتعتبر قصيدتها تلك من أكتر القصائد التي يتداولها الناس في أمثالهم، وبالتحديد البيت الأخير منها، والذي أصبح مثلا دارجًا بين عموم الناس، وعلى الرغم أن الناس لا يدركون قصة هذا البيت الذائع الصيت، فهم يضربونه حين يرغب الإنسان في شخص، بينما الآخر أحلامه وآماله معلقة بآخر، وإليكم أبيات القصيدة:

“ياعين هِـلِّي صَـافي الدمع هِلِّيـه

وإلْيَا انتهى صافِيْه هَاتي سِرِيـْبـِه

ياعـين شـوفي زرع خلك وراعيه

شـوفي معَاوِيْدِهْ وشـوفي قِــِليْــبِه

من أول… دايـم لرايــه نمـالــيــه

واليـوم جَـيَّـتْـهُـم عــلينا صعـيـبـه

وان مرني بالدرب ما اقدر أحاكيه

مصــيـبـة ياكـــبرها من مصـيـبـه

اللي يبــينا عــيت النفـس تبغــيـه

واللي نبي عــيا البخـت لا يجـيبـه”.


شارك المقالة: