المبالغة في الشعر الجاهلي من الأساليب الشعرية البارزة، فنرى الشاعر يبالغ في وصف نفسه وذكرها وتعداد مناقبها.
المبالغة في الأنا في الشعر الجاهلي
إن المبالغة من الأساليب الفنية البديعة التي نشب نقد عظيم عليها، فمنهم من كان معارض لها ومنهم من أيدها ومنهم كان محايداً؛ والسبب في هذا الاختلاف لما فيها به من الإفراط الذي يصل إلى حد الكذب، وكان المعارضون ينظرون إليها من ناحية الأخلاق، وبالتالي نتيجة ذلك ظهر أيضاً ما يُطلق عليه “الصدق الفني أو الكذب الفني”.
وظهر الإفراط والمبالغة في الشعر وخاصة في مدح النفس والأنا؛ ومن الدلائل على وجود المبالغة في القدم في الجاهلية يشير ابن المعتز أنها كانت متواجدة في عصره.
المبالغة سمة الشعر الجاهلي الرئيسية
إن هذا الأسلوب الفني كان من أبرز الفنون وأهمها التي ارتكز عليها الشعر الجاهلي في البدايات، ومن أمثال ذلك المهلهل بن ربيعة فهو من الأوائل الذين ألفوا الشعر؛ وعن هذا قال الفرزدق:
“وَأَخو بَني قَيسٍ وَهُنَّ قَتَلنَهُ
وَمُهَلهِلُ الشُعَراءِ ذاكَ الأَوَّلُ
وَالأَعشَيانِ كِلاهُما وَمُرَقِّشٌ
وَأَخو قُضاعَةَ قَولُهُ يُتَمَثَّلُ
وَأَخو بَني أَسَدٍ عُبَيدٌ إِذ مَضى
وَأَبو دُؤادٍ ةَولُهُ يُتَنَحَّلُ
وَاِبنا أَبي سُلمى زُهَيرٌ وَاِبنُهُ
وَاِبنُ الفُرَيعَةِ حينَ جَدَّ المِقوَلُ”
والمهلهل هو خال امرؤ القيس، وهو أحد أجداد عمرو بن كلثوم، وهو أحد شعراء الكذب الفني، لقوله:
“ولوْلاَ الرِّيحُ أُسْمِعَ أَهْلُ حَجْرٍ
صَلِيلَ الَبيْضِ تُقْرَعُ بالّذُّكُور”
ومن الواضح أن طبيعة الحياة الجاهلية فرضت أسلوب المغالاة والمبالغة على اعتبار أنها من العناصر المميزة للشعر، ولقد قام النابغة بلوم وإعابة شعر حسان بن ثابت في قوله:
“لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى
وأسيافنا يقطرن من نجدةٍ دما
ولدنا بني العنقاء وابني محرقٍ
فأكرم بنا خالًا وأكرم بذا ابنما”
ولقد ظهرت ذاتيه الشعر والأنا في شعره وخصوصاً في القصائد الغزلية مثل عنترة بن شداد في قصيدته:
“سكتُّ فَغَرَّ أعْدَائي السُّكوتُ
وَظنُّوني لأَهلي قَدْ نسِيتُ
وكيفَ أنامُ عنْ ساداتِ قومٍ
أنا في فَضْلِ نِعْمتِهمْ رُبيت
وإنْ دارْتْ بِهِمْ خَيْلُ الأَعادي”