المقامة في الأدب النثري

اقرأ في هذا المقال


تعريف المقامة:

بما أنَّ المقامة قد عُدّت من أبرز الفنون النثريّة في العصر العباسي، فلا بُدَّ من الوقوف على تعريف المقامة ومفومها، حيث تُشير المقامة في أصل اللغة إلى الجماعة من الناس والمجلس الذي جيتمعون فيه. وقد اشتق من هذا المفهوم آخر يبيّن تعريف المقامة كما اصطلح عليها النقّاد والدارسون، فهي بذلك تعني: “فن أدبي نثري، يقوم على أسس القص والسرد والحكائي وتدور في معظمها حول الكدية”.
ويتّخذ كاتبها لها راوٍ وبطل وبعض الشخصيات الثانوية. وفيها يحتال البطل لكسب المال والفرار به، كما تُصاغ في قالب لغوي مُحكم، يضج بالمفردات الجزلة والمعاني العميقة. وهي مشحونة بكثافة لغوية جعلت منها مادة أساسيّة لتعليم اللغلة للتلاميذ في العصر العباسي.
هذا بالإضافة إلى ما أرسلته من أصول تفرّعت عنها ألوان فنية من النثر العربي فيما بعد كفنّي القصة والرواية. وفي وقت لم يكن فيه النثر يحظى بتلك الشهرة البالغة التي حازها الشعر بألوانه، عدا عن كونها إبداعاً عربياً أصيلاً، يحمل في مكنونات المجتمع العباسي الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، كما يحمل معاناته في طلب الرزق وتأمين سبل الحياة.
ويرجع أصل هذا الفن إلى ما عرف بسجع الكاهن، أحاديث ابن دريد. وقد استلهم بديع الزمان الهمذاني منه هذا الفن، حيث كتب مقامات عديدة منها: المقامة البغدادية، المقامة المضيرية والمقامة البصرية. وقد تابعه الحريري في هذا الفن مبتدعاً من مقاماته التي عرف واشتهر بها، خمسين على غرار الهمذاني ومنها: المقامة الصنعانيّة، المقامة الاسكندريّة، حيث اتخذ أصحاب المقامات من الأماكن أو المأكول والمشروب أسماء لها، حتَّى كأنها تحمل سِمة ذلك المكان وأهله وحاجاتهم الأساسيّة التي باتت مطلباً صعباً يشق الحصول عليه.

السمات الفنية للمقامة:

  • المقامة فنٌ محكي:
    أي يقوم الراوي العرف دائماً بسرد مجريات أحداثها وطيبعة الحكائية.
  • البلاغة والفصاحة:
    فقد كُتبت المقامات غيايات تعليميّة، تقتضي وجود استعراض لغوي ومعرفي كبير.
  • السجج:
    السجع هو توافق أواخر الكلمات في فواصل الجمل. وهو ما يعطي المقامة حساً موسيقياً عالياً يضفي إلى جانبها البلاغي قوّة وجماليّة. ولعل هذه السِّمة هي ما جعلت هذا الفن على اتصال تاريخي بسجع الكاهن.
  • الخيال:
    ولعل من أبرز السمات المضمونيّة وضوحاً في المقامة، حيث يعني الكاتب تفكيره ويختلق الأحداث الشخصيات؛ لتقوم بالقصة المطلوبة.
  • المزاوجة بين الفن النثري والفن الشعري:
    حيث تتخلل الأشعار كثير من المقامات، فتزيدها فناً وإبداعاً.
  • تشمل المقامة عناصر القصة المتكاملة:
    من شخوص وحبكة وأحداث وبيئة ومكانية.
  • الوحدة الموضوعيّة:
    حيث تدور في معظمها حول موضوع الكدية والاحتيال.

المصدر: لياقات الكتاب، دروثي برادني.فن القصة القصيرة، رشاد رشدي.تقنيات كتابة الرواية، نانسي كريس.


شارك المقالة: